أنتلجنسيا المغرب: حاوره فهد الباهي/.م.إيطاليا
تمتة
الجزء الثاني من الحوار مع الاستاذ:
الأستاذ/الكاتب والمؤلف "الحسن لحويدك"
2 . كيف ترى جذور النزاع حول الصحراء المغربية، وهل تعتقد أن المجتمع الدولي تعامل بإنصاف مع المقترح المغربي للحكم الذاتي؟
وبخصوص
السؤال التمهيدي حول جذور نزاع الصحراء المغربية ، لا بد من التأكيد بداية بما
يثبت ولا يدع مجالا للشك أن الصحراء مغربية بالحق والمشروعية ، وهذا ما تؤكده
المعطيات والوثائق التاريخية والقانونية ، وما تزخر به من كتب وكتابات تؤرخ لهذه الحقائق التاريخية التي تبرز علاقة الروابط بهذه الجذور التاريخية
والاجتماعية والثقافية بالصحراء المغربية ومختلف قبائلها .
ولعل
الخلاف الإقليمي المصطنع الذي اشتد حول القضية الوطنية زمن الحرب الباردة بعد
استرجاعها إلى الوطن الأم عقب تنظيم المسيرة الخضراء عام 1975، فجر أطماع واعداء الوحدة الترابية ، وفي
مقدمتهم النظامين الجزائري والليبي آنذاك، اللذان مولا بالسلاح والمال والدعم السياسي
جبهة البوليساريو الانفصالية .
استطاع
من بعد ذلك المغرب ان يقنع نظام القدافي بالرجوع إلى جادة الصواب ، فبقيت الجزائر
على موقفها الجائر المعاكس للوحدة
الترابية للمملكة المغربية.
بعد
تحرير الصحراء ، عرف الملف
تطورات مع منظمة الأمم المتحدة ، دخل الخلاف
الإقليمي منعطفا جديدا مع الجزائر وصنيعتها جبهة البوليساريو، حيث اقر مجلس الأمن
الدولي مخطط التسوية سنة 1991 الذي بموجبه تم وقف إطلاق النار وتعيين بعثة
المينورسو التي ستشرف لاحقا على تنظيم الإستفتاء الذي لم يعد خيارا مطروحا
لحل النزاع
بسبب استحالة تطبيقه ، وذلك بإقرار من الأمم المتحدة التي أكدت إلى وجود
صعوبات عملية متعلقة أساسا الكتلة الناخبة، فتقدمت
المملكة المغربية في عام 2007 مقترح الحكم
الذاتي كحل للنزاع حول منطقة الصحراء، الذي يهدف إلى منح الصحراويين حكمًا
ذاتيًا موسعًا تحت السيادة المغربية، هذه المبادرة الجادة لقيت دعمًا من عدة دول
ومنظمات دولية كونها تعتبر حلاً يمكن أن يسهم في استقرار المنطقة ويضمن حقوق
الصحراويين في إدارة شؤونهم بأنفسهم.
فقد نجح
المغرب في كسب دعم العديد من الدول الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي ، كحل واقعي وذي
مصداقية ووجدانية بلا غالب ولا مغلوب ، بحيث عدد الدول التي عبرت عن دعمها لهذه
المبادرة الجادة يشارف على 120 دولة ، ومن ضمنها اسبانيا و فرنسا، ولكن في صدارتها
الولايات المتحدة الأمريكية ، التي أكيد في عهد الرئيس "دونالد ترامب" ،
سيتعزز أكثر اعترافها السابق بسيادة
المغرب على الصحراء في عهد حكمه لولاية ثانية ، اعترافها التاريخي سنة 2020 .
ودعما للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، فقد
شهدت حاضرتا العيون والداخلة افتتاح العديد من القنصليات لدول إفريقية وعربية
وأمريكية لاتينية، مما يعكس اعترافًا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ،
وتثمينها الأوراش التنموية الكبرى المقامة
بها ، والعدد طبعا مرشح للارتفاع.
و اليوم
هناك قناعة جماعية راسخة بأن رهان الحكم
الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد و الأوحد لإيقاف نزيف معاناة
المواطنين المغاربة المفروض عليهم الحصار لمدة تشارف نصف قرن من الزمن.
إن العالم اليوم مقتنع، بما لا يدع مجالا للشك
، ان مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب
سنة 2007 ، يعد حلاً عمليًا إجرائيا
قابلًا للتطبيق و هو أعلى سقف تنازلات بلادنا.
وفي ما
يخص سؤالكم حول الدور الحقيقي الذي تلعبه الجزائر في هذا النزاع، وهل يمكن
اعتبارها طرفاً مباشراً أم مجرد "داعم إنساني" كما تدعي؟
كما هو معلوم ، أصدر مجلس الأمن الدولي، قرارا
جديدا حول نزاع الصحراء المغربية، جدد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء
“المينورسو” لمدة عام كامل إلى غاية 31 أكتوبر 2025، قرار يجدد الدعم لجهود المملكة المغربية
المتواصلة في إطار سعيها للوصول إلى حل
سياسي ودائم لهذا النزاع الإقليمي المفتعل الذي عمرأكثرمن اللازم.
ويعتبر
هذا القرار الذي حظي بموافقة 12 عضوا وامتناع كل من روسيا وموزمبيق عن التصويت،
خطوة هامة نحو تعزيز سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ويعكس التأييد الدولي
المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل عملي، واقعي ومستدام، رغم عدم مشاركة الجزائر
في عملية التصويت احتجاجا على عدم أخذ مقترحاتها بعين الاعتبار.
وفي هذا
الصدد، أكد القرار الجديد رقم 2756 ، حين ذكر بالزخم الذي أحدثته اجتماعات الموائد
المستديرة سنتي 2018 و2019، التي شارك فيها المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو
وموريتانيا، في العملية السياسية للأمم المتحدة بطريقة جادة ومحترمة لتحديد عناصر
التقارب، مرحبا بـ “دعوة المبعوث الشخصي الحالي إلى عقد مشاورات غير رسمية مع
أطراف النزاع، فضلا عن فرنسا والاتحاد الروسي وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات
المتحدة، في مقر الأمم المتحدة في مارس 2023”.
ودعا
القرار الجديد إلى التزام الأطراف الأخرى بالانخراط في مفاوضات بناءة، مركزا على
ضرورة التزام جميع الأطراف، بما فيها الجزائر، بالمسار السياسي السلمي الذي تقوده
الأمم المتحدة .
ومن هذا
المنطلق
يعتبر النظام الجزائري طرف رئيسي في هذا
الخلاف المصطنع ، وبالتالي يتحمل بشكل مباشر المسؤولية السياسية والأخلاقية
والقانونية والحقوقية في اختلاق مشكل
الصحراء والعمل بكل الوسائل على استدامته .
النظام الجزائري هو الذي يعرقل مهمة الأمم المتحدة ويرفض تسجيل وإحصاء سكان مخيمات تندوف ويضرب
حصارا عليهم ويرفض عودتهم إلى أرض الوطن،
باستعمالهم كرهائن لإطالة أمد النزاع، ، وينتهك حقوق الأطفال بتجنيدهم واستغلالهم
في النزاعات .
كما ان
النظام الجزائري يعترف بكيان وهمي .
إذن
الجزائر تعادي الشرعية الدولية بتسريع تسوية نهائية للنزاع لانها بموقفها الجائر
ضد الوحدة الترابية للمغرب وإبقائها على هذا الصراع، فهو يخدم مشاكلها الداخلية من
أجل تصديرها إلى الخارج.
3 . كيف
أثرت التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، خاصة اعتراف بعض الدول بسيادة
المغرب على الصحراء، على موقف البوليساريو وحلفائها؟
تزايد
اعترافات الدول بمغربية الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية
، بالخصوص دول وازنة كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وألمانيا
وبلجيكا وما يشارف 30 دولة لحد الان التي اقامت قنصليات لها في حاضرتي الداخلة
والعيون، شكل ضربة موجعة للبوليساريو وصنيعتها النظام الجزائري، وجعلهما في عزلة
دولية واماط اللثام على دسائسهما في عرقلة تسوية النزاع.
فعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وإعادة تأكيده على دعمه للمبادرة المغربية،
اكيد ستشهد قضية الصحراء المغربية منعطفًا حاسمًا، ولا سيما اعتراف فرنسا الصريح
بسيادة المملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية .مواقف تشكل تحولا نوعيا ومؤثرا في العلاقات الدولية بشان دفع
العديد من الدول لتبني نفس الموقف وتأييد شرعية وسيادة المغرب على صحرائه .
4 .في ظل الجمود الأممي،
ما السبيل لتفعيل حل سياسي دائم للنزاع؟ وهل تملك الأمم المتحدة الإرادة الفعلية
لذلك؟
في
إحاطته التي قدمها أمام مجلس الأمن، يوم 14 أبريل 2025، وجه ستيفان دي ميستورا،
المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، خطابا يدعو من خلاله إلى التحرك الدولي العاجل لإعادة الملف إلى سكة
الحل السياسي، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وانسداد قنوات الحوار بين الأطراف
الرئيسية في النزاع ،
ووسط شعور متزايد بالإحباط داخل مخيمات تندوف
ومخاوف من تحول النزاع إلى أزمة إقليمية مفتوحة إذا لم تتكاثف إرادة الفاعلين من
أجل كسر هذا الجمود.
واعتبر ستيفان دي ميستورا أن الشهور الثلاثة المقبلة
ستكون حاسمة في مصير ملف الصحراء المغربية.
وأضاف،
أنه في حال تحقق ذلك، سنكون قادرين على تقديم دعم فعّال، ويمكن أن تصبح جلسة
أكتوبر 2025 مناسبة مهمة جداً لمجلس الأمن .
وفي غضون
ذلك، اعتبر المسؤول الأممي حديث واشنطن عن حكم ذاتي “حقيقي” انتصاراً لموقفه
السابق المتمثل في “مطالبة المغرب بتقديم تفاصيل هو مقترح المملكة”، القاضي بمنح
المناطق الصحراوية حكما ذاتئيا تحت السيادة المغربية.
ومن هذا
المنظور، اعتقد ان المنتظم الدولي ومعه الدول المؤثرة على صعيد مجلس الأمن ،
بالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة القلم ، لديهم هذه المرة إرادة سياسية
قوية لحسم المشكل .
فبوادر
التسوية النهائية بدأت تلوح في الأفق القريب ، ونأمل في الذكرى الخمسينية المقبلة
لتخليد انطلاق المسيرة الخضراء أن تشهد الطي النهائي لهذا الخلاف الإقليمي المفتعل
الذي أرق المنتظم الدولي وعطل فرص التنمية المغاربية وتسبب في تشتيت الأسر ، وهي
فرصة عظيمة لعودة إخوتنا وأبناء عمومتنا ولم شملهم مع ذويهم في وطنهم الواحد
الموحد الذي لا يقبل التجزئة.
كما أن
إفشال أطروحات الانفصال وذلك بفضل الدبلوماسية الملكية الرصينة الفعالة ، مدعومة
بالدبلوماسية البرلمانية والمدنية والحزبية ، استطاع المغرب تهميش الأطروحات
الانفصالية في المحافل الدولية ، وتقليص الدعم الذي كانت تحظى به ، مما جعل
أطروحتها الوهمية تعرف تراجعا متناميا في استقطاب من كانت توهمهم بجديتها.
وهناك
دعم الأمم المتحدة ، وهو ما تجسد في
استمرار العملية السياسية تحت إشراف الأمم المتحدة ، ما يعكس بجلاء رغبة
المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي وواقعي بعيدًا عن النزاعات المسلحة لاسيما ان
المحتجزين في مخيمات تندوف سئموا من الاسطوانة المشروخة لبائعي الوهم .
و اليوم
هناك قناعة جماعية راسخة بأن رهان الحكم
الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد و الاوحد لايقاف نزيف معاناة
إخواننا وأخواتنا المفروض عليهم الحصار
لمدة تشارف نصف قرن من الزمن.
فالعالم
اليوم مقتنع، بما لا يدع مجالا للشك ، ان
مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 ، يعد حلاً عمليًا إجرائيا قابلًا للتطبيق و هو أعلى سقف تنازلات بلادنا.
جدير
بالذكر ، ان هذا المقترح يرتكز على عناصر
اهمها :
ü إشراك سكان الأقاليم
الجنوبية: إذ يهدف الحكم الذاتي إلى تمكين السكان المحليين من إدارة شؤونهم
المحلية في إطار السيادة المغربية.
ü المرونة والواقعية:
فهو يجمع بين احترام الوحدة الترابية للمغرب وخلق نموذج تنموي متكامل للمنطقة.
ü التنمية الاقتصادية
والاجتماعية: فمبادرة مشروع الحكم الذاتي يتزامن مع استثمارات ضخمة
في البنية التحتية في مختلف المجالات لتعزيز استقرار ورفاه المنطقة.
ü
التأييد الدولي: فهذا المقترح المغربي يعتبر حلاً واقعيًا يحظى بدعم
أممي وإشادة العديد من الدول الكبرى بمافي ذلك بعض دول مجلس الأمن الدائمة العضوية
كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك