حوار شييق مع "الحسن لحويدك" ومستجدات ملف الوحدة الترابية ومؤلفاته وترافعه الصريح في المحافل الدولية عن الصحراء المغربية (الجزء 1) .

حوار شييق مع "الحسن لحويدك" ومستجدات ملف الوحدة الترابية ومؤلفاته وترافعه الصريح في المحافل الدولية عن الصحراء المغربية (الجزء 1) .
حوار / الثلاثاء 06 مايو 2025 - 17:20 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: حاوره فهد الباهي/.م.إيطاليا

في حوار خاص مع جريدة "أنتلجنسيا المغرب"، يتحدث "الحسن لحويدك"، الكاتب والفاعل الجمعوي ورئيس جمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية والأعمال الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب، عن مساره النضالي دفاعًا عن القضية الوطنية الأولى، وعن التراكم الثقافي الذي راكمه من خلال إصداراته، وعلى رأسها عمله المرجعي "ذاكرة هوية ووطن... مذكرات من الداخلة".

هذا العمل الذي تجاوز بعده التوثيقي ليصبح صوتًا صريحًا لمغربية الصحراء في كبريات المحافل الثقافية والوطنية والدولية.

لحويدك، الذي يُعدّ من أبرز الأصوات المدنية المدافعة عن الوحدة الترابية، يفتح قلبه في هذا اللقاء، ويتحدث عن الكواليس التي رافقت رحلته في التأليف، وعن صدى حضوره القوي في المعارض الدولية المنظمة تحت الرعاية الملكية السامية للملك "محمد السادس"، سواء بالدار البيضاء أو الرباط أو الداخلة، مؤكدًا أن الثقافة شكلت دائمًا جبهة متقدمة في معركة الدفاع عن السيادة الوطنية.

الأستاذ/الكاتب والمؤلف الحسن لحويدك .

من مواليد مدينة سيدي يحيى الغرب، سنة 1960، من الأصول الصحراوية المغربية أب عن جد ، كاتب وفاعل جمعوي مهتم بملف الصحراء المغربية .

رئيس جمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية والأعمال الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب.

مؤلف الأجزاء الأربعة لكتاب : ذاكرة هوية ووطن .." مذكرات من الداخلة " .

وقد حظي الكتاب بحفل تقديم وتوقيع في مجموعة من المحافل واللقاءات الوطنية والدولية ، أبرزها "المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدورات ال 25 ، 27 و30 المنظمة  تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك "محمد السادس" على التوالي في كل من الدار البيضاء والرباط ، وايضا بالدورتين العاشرة والرابعة عشر للمعرض الجهوي للكتاب للمديرية الجهوية للثقافة بالداخلة ، ومهرجان الإكليل الثقافي لجمعية رباط الفتح المنظم تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس.

 

أولا وقبل كل شيء ، أتقدم بعظيم الشكر للمؤسسة الإعلامية " أنتلجنسيا المغرب " ، على هذه الاستضافة الكريمة لنتحاور حول مستجدات قضية الصحراء المغربية ، ملف له راهنيته ، بالخصوص في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر منها في سياق دولي وإقليمي

جد مضطرب ومعقد ، وما يعرفه من تحولات جيو سياسية في إطار تشكل نظام عالمي جديد ، ولكن بفضل الدبلوماسية الملكية الرصينة والدبلوماسية الرسمية وغير الرسمية بمختلف مشاربها والإجماع الوطني ، استطاع المغرب على مدى نصف  قرن من الزمن على هذا النزاع الإقليمي المفتعل أن يدبر تطورات هذا الصراع الإقليمي احسن تدبير ويحقق مكاسب وانتصارات متتالية على الصعيدين الدبلوماسي و التنموي بالأقاليم الجنوبية .

1.فيما يتعلق بسؤالكم حول مساهمتي في  الدبلوماسية الثقافية للترافع المدني حول مغربية الصحراء  من خلال 

الأجزاء الأربعة لكتابي ذاكرة :  هوية ووطن.. : " مذكرات من الداخلة " ، التي هي  نوع من "المعاينة الشخصية"، وتشكل "سردا لمسار شخصي يمتد منذ الالتحاق بمدينة الداخلة في أكتوبر 1991، وذلك من خلال تسليط الضوء على قضيتنا الوطنية الأولى حول مختلف الأنشطة ذات الطابع السياسي والدبلوماسي والتنموي عموما، والأحداث التي ميزت الداخلة ، لؤلؤة الجنوب على وجه الخصوص، خلال هذه الفترة.

 فهذا العمل المتواضع يتوزع على سلسلة من الفصول، تتضمن شهادات وتصورات وردود فعل مجموعة من الأكاديميين والأساتذة الجامعيين والسياسيين والفاعلين الجمعويين، وذلك في أفق تقديم سلسلة من التوصيات الرامية إلى تعزيز دعم قضية الوحدة الترابية والوطنية.

كما يسلط الضوء بالأساس ، على تطورات النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ويتمحور حول الإنجازات الوطنية والدولية والأوراش الكبرى التي استطاع المغرب إنجازها في الأقاليم الجنوبية من أجل تفعيل مشاريع وبرامج الاستثمار والتنمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبشري والبيئي.

وايضا تتضمن سياقات الأجزاء الأربعة للكتاب تحليلات معمقة حول سلسلة من الأحداث الوطنية والعديد من الخطب الملكية، وافتتاح القنصليات في كل من العيون والداخلة، والتقدم الدبلوماسي الكبير الذي سجلته المملكة، خاصة حول قضية الصحراء المغربية التي تمثل أولوية بالنسبة للدبلوماسية المغربية، تماشيا مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأحدث ، من خلال مضامين الكتاب على ضرورة مواصلة التعبئة الشاملة لتحصين الوحدة الترابية والوطنية، وتملك المزيد من المعارف والمعطيات التي تصب في اتجاه الترافع عن مغربية الصحراء، وفضح الأطروحات الانفصالية، ودحض كل المزاعم الزائفة التي يروجها أعداء الوحدة الترابية.

وآمل في هذا الصدد، بأن يسهم هذا المؤلف الذي هو عبارة عن حقيبة ترافعية في تعزيز الذاكرة الوطنية وقدرات المجتمع المدني في إطار الدبلوماسية الموازية للتمكن من الدفاع عن القضية العادلة للمغاربة على المستوى الدولي.

كما أدعو  إلى أن يكون هذا الكتاب مصدر إلهام للأجيال الصاعدة حتى تظل على ارتباط وثيق بقيم الوطنية الصادقة والتضحية اللا مشروطة وروح المواطنة الإيجابية للدفاع عن المصالح العليا لبلاده بشكل أفضل.

وأذكر بهذا الخصوص، بأن سياقات نشر هذا الإصدار في أجزائه الأربعة، تتركز حول الحث على مواصلة التعبئة الوطنية الشاملة، وتكثيف جهود التحسيس بخصوص القضية الوطنية الأولى، مع التأكيد على أهمية تقوية تلاحم الجبهة الداخلية وتعزيز الدبلوماسية الموازية من أجل الدفاع عن مغربية الصحراء، إضافة إلى تجديد التأكيد على مشروعية القضية الوطنية، وتسريع تسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وفي هذا السياق ، وفي أجواء فكرية مميزة، احتضن رواق المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، يوم السبت 26 أبريل 2025، ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، تقديم الجزء الرابع من كتاب “ذاكرة هوية ووطن.. مذكرات من الداخلة” ، بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين بقضايا الهوية والوطن.

 وبهذه المناسبة ، عبرت عن امتناني للمكتبة الوطنية على مبادرتها لاحتضان تقديم كتابي، مشيرًا إلى أهمية هذا الحدث الثقافي لتعزيز النقاش الفكري حول القضية الوطنية وإغناء الذاكرة الجماعية للمغرب، خاصة بما يتعلق بتاريخ جهة الداخلة – وادي الذهب كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية.

وللتذكير ان الجزء الرابع يعد امتدادًا للأجزاء الثلاثة السابقة، متناولًا بتسلسل زمني دقيق الأحداث والمحطات التي عايشتها منذ حلولي بالداخلة عام 1991، ضمن وفد مخيمات الوحدة، في سياق المسار التاريخي لتأكيد مغربية الصحراء. وأكدت أن هذا العمل التوثيقي جاء استجابة لحاجة ملحة للحفاظ على الذاكرة الوطنية والترافع المدني عن مغربية الصحراء عبر مختلف الوسائط والفعاليات الوطنية والدولية.

وقد اعتمد على المنهجية الكرونولوجية في السرد، مستندًا إلى شهادات ومداخلات ومقالات متنوعة، فضلًا عن مشاركاتي الوطنية والدولية، ومنها تدخلي أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دفاعًا عن مشروعية الطرح المغربي في قضية الصحراء.

وسلطت الضوء على مساهمتي كفاعل جمعوي وثقافي وسياسي في العديد من التظاهرات والأنشطة التي احتضنتها جهة الداخلة وادي الذهب، موثقًا مختلف جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية، النموذج التنموي الجديد، مشروع الطريق السريع تيزنيت-الداخلة، وميناء الداخلة الأطلسي، وربط الجنوب بالشبكة الوطنية للكهرباء...

كما أشرت إلى أهمية المكتسبات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، سواء عبر فتح أكثر من 30 قنصلية عامة بالعيون والداخلة، أو من خلال الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007، مؤكدا أنها أضحت الحل الواقعي الوحيد لتسوية النزاع المفتعل.

وفي حديثي عن الجزء الخامس المرتقب من السلسلة، كشفت عن عزمي إصدار هذا الجزء بالتزامن مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذي يتضمن مستجدات الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وتطورات الدعم الدبلوماسي المتزايد، وتواصل تحقيق المكتسبات التنموية بالأقاليم الجنوبية ، وكذا تحليلات حول التحولات الراهنة للمشهد الجيوسياسي الإقليمي والدولي.

عموما أن سلسلة  كتاب ، "ذاكرة هوية ووطن.. مذكرات من الداخلة" ليس مجرد توثيق شخصي، بل يمثل مرجعًا توثيقيًا يعزز الترافع المدني عن قضية الصحراء المغربية، ويدعو إلى المزيد من التعبئة الوطنية الشاملة وتحصين الجبهة الداخلية، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس.

وإجمالا ،  احث في سياق مضامين الكتاب على ضرورة المزيد من التعبئة الجماعية الشاملة على اعتبار أن قضية الصحراء المغربية هي قضية وجود وسيادة وهوية، داعيًا الأجيال الصاعدة إلى مواصلة حمل مشعل الوطنية، والتشبث بالقيم النبيلة التي أرستها المسيرة الخضراء وروح التضحية في سبيل الوطن .


علاقة بسؤالك حول كيفية دواعي انخراطي في ملف وحدتنا الترابية، فذلك  يعود إلى 1991 , إلى وصية والدي رحمه الله الذي له صفة مقاوم في أعضاء المقاومة وأعضاء جيش التحرير ، الذي حينما كنت اشتغل كمدرس بإقليم قلعة السراغنة، اوصاني بضرورة التسجيل في لوائح المنحدرين من القبائل الصحراوية ، آنذاك ، في عملية تحديد الهوية قصد المشاركة في الاستفتاء التأكيدي لمغربية الصحراء  ...

لم يمر على تسجيلي أقل من أسبوع حتى اخبرتني السلطة المحلية بأن سفري إلى الأقاليم الجنوبية الصحراوية سيكون ليلا عبر الحافلة، وهو ما تم فعلا في 12 أكتوبر 1991، تاريخ التحاقي لأول مرة بمدينة الداخلة لأداء الواجب الوطني، لتتأرخ بذلك ، رحلة العودة إلى أرض الجذور، وتدون ذاكرة الانتماء وأفق الاندماج .

كان الاستقبال حارا من طرف مختلف اعيان قبائل الساكنة الأصلية التي عبرت عن شوقها وامتنانها وحنينها لفرصة هذه اللحظة التاريخية التي جسدت متانة أواصر أبناء العمومة والعرى الوثيقة للقرابة التي تجمع على الدوام، بين الصحراويين في الشمال وإخوتهم في الجنوب. لم اصطحب معي آنذاك أسرتي لأن زوجتي كانت حاملا، فأقمت بالمنطقة الخامسة بمخيم الوحدة رقم 1 الذي كان يضم إلى ذلك ، مناطق أربعة، فيما المخيم رقم 2 به أربعة مناطق، حيث استقرت في السكن في خيمة خاصة بعشرة رجال ، والأكيد أن وازع الواجب الوطني هو الذي كان يساعد على التواصل والانسجام بين كل المقيمين أفرادا وجماعات ، إيمانا صادقا وراسخا من الجميع ان المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار.

وبعد مرور شهرين على ازدياد ابني أيوب بسيدي يحيى الغرب، اصطحبت معي أسرتي إلى مخيم الوحدة رقم 1 بالمنطقة 5 في إطار التجمع العائلي ، حيث ازدانت الحياة بميلاد النجلين مروان وهاجر ، اللذين ولدا هناك.

وبالنسبة للتسيير الإداري لمخيمات الوحدة كانت تشرف عليه سلطة الدائرة التابعة لعمالة إقليم وادي الذهب ، و يؤطرها رجال السلطة بمعية موظفين واعوان سلطة ، كانوا قد قدموا رفقة المقيمين من اقاليمهم من شمال المملكة . في سياق هذه التركيبة الإدارية المكلفة بالتأطير ، انخرطت كمؤطر ، حيث تم تكليفي ككاتب مشرف على المنطقة الخامسة ، اقوم بكل الأشغال الإدارية لفائدة ساكنة المخيمات.

ومن تم وبعد طول مدة الإقامة ، وتأجيل عملية الإستفتاء إلى أجل غير مسمى ، عاد موظفو الأقاليم الملتحقة إلى اقاليمهم الأصلية ، فكلفت من طرف رئيس الدائرة ، كوني أستاذ التعليم موظف الدولة في مهمة وطنية ، في إطار وضعية رهن إشارة ، بمواصلة الإشراف على تسيير الشؤون الإدارية و القبيلة و التأطيرية لساكنة مخيمات الوحدة . كان الاعتقاد السائد حينئد، بأن مدة إقامتنا بمخيمات الوحدة لن تستغرق طويلا، على أن ترتيبات الإستفتاء التي تشرف عليه بعثة الأمم المتحدة، يقترب إجراؤه في حدود أشهر معدودات ، إلا أن عراقيل الخصوم عملت على تعطيله ، أو بالأحرى نسفه بشروطها التعجيزية والتي تطرقت إليها في معرض سلسلة النسخ الأربعة لكتابي الموسوم تحت عنوان:  ذاكرة هوية ووطن .. " مذكرات من الداخلة " ؛ مرورا بكل المراحل التي طبعت الخلاف الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء، منذ التوقيع على الاتفاق الإطار سنة 1991، الذي بموجبه تم وقف إطلاق النار .

 في الحقيقة، وبكل صدق ، وبكل مشاعر الروح الوطنية العالية، قدمت ساكنة مخيمات الوحدة مثالا يحتدى به في الصبر والتضحية، دفاعا عن الوحدة الترابية والوطنية، مما جعلها توصف بأنها سد منيع لصد مناورات واستفزازات الخصوم .

علاوة على ذلك، ساهمت هذه الساكنة، بشكل كبير ، في النسيج البشري للجهة ، الذي ساهم بقسط وفير فيما وصلت إليه جهة الداخلة وادي الذهب من تقدم في العمران، ومساهمة فعالة في المسلسل التنموي، على اعتبار توفر الساكنة الملتحقة على مجموعة من مهارات المهن والحرف المتنوعة ، مفتخرة ومعتزة بالتحاقها بـ إخوتها وبنات وابناء عمومتها في هذه الأرض الطيبة سكانها، ابا عن جد ، أرض التعايش والتساكن.

 وفي سياق حديثي عن تحمل المسؤولية الجسيمة، التي كانت تقتضيها المرحلة، ومرافق المخيمات التي كانت معدة سلفا لفترة محددة ، ومع تأجيل العملية الاستفتائية ، اخذت وضعية الخيام في التلاشي، مع تزايد المطالب في كل مستوياتها، مما فرض إتخاذ المبادرات والتعامل مع ذلك الوضع. لذلك و من أجل ذلك، اصبح مبدأ الاعتماد على النفس هو الحل الذي لا محيد عنه للتعاطي مع هذه التحولات قصد مواجهة صعوبة الاستقرار بالسكن داخل المخيمات، وعجز المرافق الاجتماعية على الاستيعاب، هي الطريقة المكرسة في التعامل مع هذه التطورات، مما اضطر المقيمين إلى اعتماد البناء العشوائي كحل مؤقت لما فرضته الظروف آنذاك ، والذي لم تستطع معه عملية استبدال الخيام مقاومته ، بسبب الرطوبة وعامل الرياح القوية التي تعرفها المنطقة، وكثرة اندلاع الحرائق، وما يترتب عنها من أضرار بشرية ومادية.

 فكنا لا يهنأ لنا بال نهارا وليلا خوفا من مفاجئة حدوث ذلك ، يضاف له معاناة لسعات البرغوت الذي كانت لا تنفع معه مبيدات الحشرات المضادة بسبب البرك المائية الآنسة. وكلما تهاطلت الأمطار تكثر الاحتياجات طلبا للتسريع بتوفير قطع مادة البلاستيك لتغطية الخيام ، وفي الوقت نفسه تستعمل للوقاية من الرياح التي كثيرا من الأحيان تكون قوية  ، بسبب عامل المناخ الذي تعرف به المناطق الصحراوية ، إلا أن هذه المادة تكون مزعجة في الطقس الحار، مما يزيد من شدة الحرارة التي لا تعطي راحة وتنفسا لائق . 

واشتدت هذه المعناة أكثر ، عندما أصبحت حفر مرافق الصرف الصحي للمراحيض معطلة وغير صالحة للاستعمال، لما تسرب عنها من تراكمات الشهور... إنني توقفت عند هذه المحطة ، لاسوق الحديث عنها إشارة وتأكيدا مني على الشعور الوطني الصادق والإحساس المواطن الدافق لهذه الفئة ،التي إسترسخت النفس والنفيس من أجل تأدية واجبها الوطني، ولم يثنيها معاناتها أمام فرحها العظيم بلقائها بأبناء عمومتهم في جهة الداخلة وادي الذهب، عن عزمها على مواصلة مشوارها لأداء مسؤوليتها، وهي تؤمن أصدق وأوثق الإيمان بقضية الوحدة الترابية .

 في هذه الأجواء، أبصر ابناؤنا النور وترعرعوا ، إلى أن يتخلصوا من عبء مخاطر السكن غير اللائق عبر استفادة الساكنة من إما من بقع ارضية  أو منازل للسكن .

لكن بالرغم من قساوة تلك الظروف، " الحاجة ام الاختراع " ، استطاعت فئة كبيرة من هذه الشريحة التألق في مهنهم ودراستهم ، وقد انجبت ساكنة مخيمات الوحدة أطرا وكفاءات عالية في العديد من القطاعات والمجالات . 

ومن أجل ترسيخ أسس الاندماج والتأطير ، فقد انخرطت منذ ذلك التاريخ في جهود الدفاع عن الوحدة الترابية والوطنية للمملكة وفعاليات صيانة الوحدة الترابية والدبلوماسية الموازية خدمة للقضايا الوطنية من خلال انخراطي في مجالات التأطير جمعويا وسياسيا وثقافيا.

ولتعزيز دعائم التساكن والتماسك، والمساهمة في الديمقراطية التشاركية، بادرنا إلى تأسيس اول جمعية انبثقت من ساكنة مخيمات الوحدة التي أخذت إسم جمعية الوحدة الترابية للتنمية البشرية والاعمال الاجتماعية بجهة الداخلة وادي الذهب، والتي تشرفت بتجديد الثقة في شخصي المتواضع كرئيس لها على مدى اربع ولايات متتالية إلى يومنا هذا. 

وبشكل عام، عملت الجمعية منذ نشأتها على تحقيق مجموعة من  الأهداف وترسيخ قيم المواطنة الفاعلة وبناء شخصية مواطنة تسهم بشكل إيجابي في المشروع المدني الديمقراطي الوطني .

كما اشتغلت في الانخراط النشيط في جهود الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة والترافع عن مغربية الصحراء، وإنجاز  المشاريع التنموية وتفعيل المقاربة التشاركية ، فضلا عن تحقيق مجموعة من مجالات المشاريع المتنوعة، والانخراط في مشروع الجهوية المتقدمة ودعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وفي هذا الإطار، ومن بين الأنشطة العديدة ، ساهمت الجمعية في المشاركة الفاعلة في :

 " قافلة جسور التنمية لكويرة -طنجة " المنظمة تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

 وعن تجربة العمل السياسي

وعلى مستوى النضال السياسي، وبناء على تجربة انتخابي عضوا سابقا بجماعة لكويرة وأيضا بالمجلس الإقليمي لأوسرد التي كنت رئيس لجنته المالية والميزانية ،  وبعد تردد لعشر سنوات من إقامتي بالداخلة، قررت الانخراط في العمل السياسي،اعتقادا جازما مني أن هذه التجرية ستنضاف إلى رصيد ما اطمح إليه من تعزيز دوري في خدمة الوطن ، والساكنة عموما عبر تدبير الشأن المحلي في إطار الديمقراطية التمثيلية، إلا أن هذه التجرية تقتضي نوعا من السباحة ، بشكل خاص، على اعتبار أنها بحر شديد الهيجان وامواجه متلاطمة، لوجتها تودي بك إلى الغرق، ويصعب العوم فيها، خاصة أن عددا من ممارسيها يعتبرون ( كالقرش القاتل) يلتهم كل من يقف في طريقه ، ولو باستعمال كل الأساليب ، بدون مراعاة ما تستلزمه المبادئ الواجب التحلي  بها في ممارسة العمل الحزبي والسياسي الجادين ، وكذا الضوابط الانتخابية المشروعة ، المفروض ان تفرز تمثيلية حقيقية منبثقة من إرادة الناخبين ، والنتيجة سواء عند الفرز او التسيير ، تكون كارثية، لصالح بعض الأشخاص احيانا الذين انتهكوا قدسية عملية الاستحقاقات الانتخابية، بهدف نفعي يخدم مصالحهم الشخصية للجمع بين السلطة والمال، وليس خدمة الصالح العام، مثل بعض هؤلاء المنتخبين إذا استثنينا بطبيعة الحال النزهاء منهم، وهم موجودون ونفتخر بهم ، قلت هناك رموز الفساد وهم ، يكونون طاعونا على البلاد والعباد، والمحصلة تكون مأساوية وكارثية، منتخبون بدون ناخبين، وناخبون بدون منتخبين، وبالتالي فساد وتدبير فاشل للشان المحلي، وهم من تندد بهم الخطب الملكية، وتؤكد على مقاطعتهم وسد الطريق عنهم .

نعم ، كان في ظني أن ممارسة العمل السياسي يتطلب، إلى جانب الكفاءة والشعبية ، التحلي ايضا بالأخلاق الطيبة والتخليق السياسي والوفاء بالعهد ، غير أن كل هذه التوقعات والطموحات تبخرت وحساباتي كانت خاطئة ، لأننا ربما لم نصل إلى مستوى النضج ، ولعل مستوى المشهد السياسي الحالي لا يختلف فيه إثنان، بأنه يتطلب في سواده الأعظم، تغييرا جذريا في العقليات أولا وقبل كل شيء .

فبالرغم أن بلادنا قطعت أشواطا في المسلسل الديمقراطي، ولكن لم نصل بعد إلى المستوى البناء الديمقراطي الحقيقي الذي يفرز تمثيلية حقيقية قادرة للاستجابة انتظارات المواطنين، ومواجهة التحديات الوطنية والدولية وما اكثرها، وفي مقدمتها ، ملف قضيتنا الوطنية الأولى التي هي في وضع دولي صعب، والتي تقتضي المرافعة عنها اعتمادا على معايير الكفاءة والاختصاص ، كما تطرق إلى ذلك جلالة الملك محمد السادس  ، في خطابه السامي إلى أعضاء البرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة .

(يتبع ...)

 


لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك