صورٌ ومشاهد من غزة بعد إعلان انتهاء العدوان (6)

صورٌ ومشاهد من غزة بعد إعلان انتهاء العدوان (6)
أقلام حرة / السبت 25 أكتوبر 2025 - 15:48 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

بقلم : د. مصطفى يوسف اللداوي/بيروت

خروقاتٌ إسرائيلية متعمدة وغاراتٌ عدوانيةٌ مقصودةٌ

وضعت الحرب في قطاع غزة أوزارها، وتوقف العدو الإسرائيلي مرغماً عن غاراته الجوية وقصفه المدفعي، اللهم إلا من خروقاتٍ يتعمدها، واعتداءاتٍ يقصدها، يبررها كذباً بالرد على المقاومة، بدعوى خرقها الاتفاق وعدم التزامها بالخطة، والتعامل الميداني الآلي مع التجاوزات الشعبية الفلسطينية، بحجة تجاوزهم للخط الأصفر المتفق عليه، بينما الحقيقة أنه يستهدف في كلِ مرةٍ "صيداً ثميناً"، ويقصف أهدافاً محددة جمع معلوماتٍ عنها، وعرف هويتها وحدد مكانها، فقرر استباقاً للزمن، وخوفاً من ضياع الفرصة وعدم تكرارها، قصفها وقتل الأشخاص المقصودين، رغم عدم وجود عمليات عسكرية تبرر خرقه.

كما يكذب العدو الإسرائيلي وقد خبرناه وعرفناه، تكذب الإدارة الأمريكية التي تدعي بأنه لا علم مسبق لها بالغارات الإسرائيلية، وتقول أنها تعارضها ولا توافق عليها، وترى أنها تهدد الاتفاق وتعرض "خطة ترامب" للخطر، وتدعو الحكومة الإسرائيلية للحفاظ على الهدوء، وعدم القيام بعملياتٍ تهدد استمرار وقف إطلاق النار، وتعرض خطة السلام لخطر الانهيار، إلا أن الحقيقة أنهما ينسقان معاً، ويتفقان على كل غارةٍ وعمليةٍ، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تزود الكيان الصهيوني بكل أنواع السلاح، تعرف أين وكيف ومتى يستخدم سلاحها، وتعرف أثره وتدرس نتائجه، بما يؤكد علمها المسبق بالمخططات الإسرائيلية، ومباركتها لها، واستعدادها الدائم للدفاع عنها إن تطلب الأمر ذلك.

إزاء هذه الخروقات المتعمدة، وفي مواجهة أباطيل وأكاذيب هذا العدو الكاذب الخبيث المكار، ولتفويت الفرصة عليه وإحباط خططه وإفشال عملياته، وفضح سياسات الإدارة الأمريكية المنحازة والمتعددة المعايير، ينبغي على المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها وكتائبها، ومجموعاتها وتشكيلاتها، أخذ كامل الحيطة والحذر قبيل وبعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والالتزام التام بالضوابط الأمنية، وعدم التخلي عن الإجراءات المعتمدة في مثل هذه الظروف والأوضاع، ذلك أن العدو الإسرائيلي قد عودنا دائماً على تحديث بنك معلوماته خلال فترات وقف إطلاق  النار، تمهيداً للغارة عليها وقصفها، ولعل تجاربنا السابقة معه خلال كل الحروب الكثيرة التي شنها ضدنا، تعلمنا أنه لا يغير عاداته، ولا يبدل سياساته، ويصر دوماً على انقلابه على الاتفاقيات، ونكثه للعهود، وعدم التزامه بالمواعيد. 

لا ننكر شوق المقاومين إلى أهلهم، وحنينهم للاتصال بهم والحديث معهم، وسماع أصواتهم والاطمئنان عليهم، وأملهم في رؤيتهم والجلوس معهم، فقد مضى على أغلبهم الذين فاتتهم الشهادة، سنتان طويلتان قاسيتان مؤلمتان، لم يروا أهلهم، ولم يسمعوا أخبارهم، وهو الإحساس نفسه الموجود لدى أسرهم وعائلاتهم، وأطفالهم وأهل بيتهم، الذين يستغلون وقف إطلاق النار للسؤال عنهم والاطمئنان عليهم، وهو الأمر الذي من شأنه كشف أماكنهم، أو خروجهم من مكامنهم، وتحديد الدوائر الضيقة المحيطة بهم، مما يمكن العدو منهم، ويسهل وصوله إليهم.

لا ينبغي الاستخفاف والتهاون في اتباع الإجراءات الصارمة خلال المراحل الانتقالية، والفترات الفاصلة بين محطات وقف إطلاق النار، فهي مراحل خطرة وقاتلة، ولا يفجعنا المقاومون الفرحون بتوقف الحرب، بنيل العدو منهم، ووصوله إليهم، فهم وإن كانوا يتوقون إلى الشهادة ويسعون لها، ولا يهابون الموت ولا يفرون منه، ذلك أن الخسائر في الساعات الأخيرة مؤلمة وقاسية، ويصعب تحملها والصبر عليها، إذ أن الفقد بعد الأمل موجع، والخسارة شهادةً أو إصابةً ونحن نتهيأ للعودة واستعادة الحياة صعبة جداً، وهي تترك في النفس حسرةً وكمداً، وألماً ووجعاً، تفوق بكثير جداً ما أصابنا خلال الحرب وأثناء العدوان.

فاللهم احم غزة وأهلها، وصن شعبها وسكانها، وعوضهم خيراً وأكرمهم عوضاً، وأحسن نزلهم وأجزل عطاءهم، وأعدهم إلى بيوتهم ودورهم، ومناطقهم وأحيائهم، واجعلها عودة كريمة ميمونة، واحفظ اللهم مقاومتها ورجالها ولا تفجعنا في آخر الساعات بهم، واجعل بينهم وبين عدوهم سداً يمنعهم منه، ويحول دون وصوله إليهم، ومكن اللهم لهم في الأرض عزةً وثباتاً، وأرهم نصرك، ومتعهم بفضلك، وأذقهم حلاوة العودة إلى الديار، والثبات في الأرض، وسعادة إعادة الإعمار، وجمع الشمل واستعادة الأمل، وأمت اللهم العدو غيظاً بحياتهم، وكمداً بنجاتهم، كما وعدتهم والمجاهدين، وبشرتهم والصابرين "قل موتوا بغيظكم".

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك