بقلم : عادل تشيكيطو
رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
إلى "الشيخ" محمد الفيزازي :
من ذاق القيد، لا يدعو به…
تابعنا بكثير من الأسف ما ورد في تدوينتكم التي تتمنّون فيها السجن لأحد أبناء هذا الوطن، الصحفي حميد المهداوي. وإن كان من حق كل إنسان أن يعبّر عن رأيه، فإن مكانتكم كإمام وشيخ تضعكم في موضع القدوة والموجّه، وتجعل كلماتكم تحمِل وزناً وتأثيراً بالغين.
اسمحوا لنا –
مع كامل الاحترام – أن نذكّركم بما علّمه لنا ديننا الحنيف من قيم الرحمة والستر
والدعاء بالهداية لا بالبلاء. فقد قال النبي ﷺ:
“من فرَّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرَّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة”(رواه مسلم).
أين انت من
قول رسول الرحمة ﷺ:
“لا تُظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك”؟ (أخرجه الترمذي من حديث واثلة بن الأسقع).
أليس من واجبك التناصح بالحسنى، لا أن تتمنى للصحفي حميد المهدوي العقوبة، لمجرد اختلافك معه؟
اعلم يا الفيزازي هداك الله، أن الصحافة الحرة، وإن اختلفنا معها أحياناً، تبقى صوتاً من أصوات المجتمع، ووسيلةً لفضح الفساد والانتصار للضعفاء، وإن أخطأ الصحفي، فالقضاء هو الفصل، فهل من قيم الدين الحنيف التي تدعي دفاعك عنها وتنظيرك لقيمها أن تتمنى للمهداوي، أو لغيره، السجن وتحتفي بهذه الأمنيّة ؟
أيها "الشيخ"، لقد كان السلف الصالح، إذا رأوا مبتلى، حمدوا الله وقالوا: “اللهم عافنا مما ابتليت به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلقت تفضيلا”، ولم يكونوا يتمنّون السوء لأحد، بل كانوا يحرصون على صلاح الجميع.
لقد ذقت يا "شيخ"، مرارة السجن، وعشت لياليه الثقيلة، وسجدت لله في زنزانة ضيّقة لا يسمع فيها إلا صوت الوحدة والعزلة ودندناتك لمقاطع أغاني أم كلثوم، فكيف تنسى ما علّمك ذاك الامتحان العسير؟
كيف يهون عليك
أن تتمنّى لأخيك ما دعوت الله مرارًا أن يُبعده عنك؟
ألم يكن السجن
لحظة تأمل، ومحراب توبة، ومقام تفكّر في عدل الله ورحمته؟
أليس من عاش
القيد أحق الناس بالدعاء للمقيّد، لا الشماتة به؟
تذكّر، يا من جرّبت "الظلم"، أن الشماتة لا تليق بمن ذاقها، وأن من عرف القهر لا ينبغي له أن يدعو به على غيره
ختاماً، وبعد تجديد التضامن المطلق مع
الصحفي حميد المهدوي، لا يسعني إلا أن أدعو لك ولنا بالهداية وأن أستغفر الله لنا
ولك، وان يعود صوتك صداحاً بالحق والعدل والإصلاح، لا بالشماتة والتشهير.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك