نهضة بركان يصنع التاريخ ويحقق أول لقب في الدوري المغربي بعد نصف قرن من الانتظار

أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس

في ليلة كروية ستظل محفورة في ذاكرة كرة القدم المغربية، نجح نادي نهضة بركان في تحقيق إنجاز غير مسبوق، حيث توج بلقب الدوري المغربي للمحترفين لأول مرة في تاريخه، ليكسر هيمنة الأندية الكبرى على البطولة، ويعيد الكأس إلى المنطقة الشرقية بعد غياب دام 50 سنة، منذ تتويج مولودية وجدة عام 1975.

بهذا الإنجاز، أصبح نهضة بركان الفريق العشرين الذي يحصد لقب البطولة، ما يعكس تطور المنافسة في الكرة المغربية واتساع رقعة الفرق القادرة على التتويج.

لم يكن الطريق إلى اللقب مفروشًا بالورود، فقد خاض الفريق البركاني موسمًا استثنائيًا، أظهر خلاله صلابة تكتيكية وروحًا قتالية مكنته من مقارعة أعرق الأندية المغربية مثل الوداد والرجاء والجيش الملكي، وانتزاع اللقب عن جدارة واستحقاق. تحت قيادة المدرب المخضرم، استطاع الفريق فرض أسلوبه الخاص، معتمدًا على مجموعة متجانسة من اللاعبين، الذين أبانوا عن مستوى عالٍ من الانضباط والالتزام طوال الموسم.

عاش عشاق نهضة بركان لحظات من الترقب والإثارة في الجولات الأخيرة من البطولة، حيث كانت المنافسة مشتعلة حتى الرمق الأخير. الفريق البرتقالي دخل المباريات الحاسمة بعزيمة لا تلين، واستطاع اقتناص نقاط مهمة خارج الديار، إضافة إلى حفاظه على سجل قوي داخل ملعبه، حيث شكلت الجماهير البركانية سندًا حقيقيًا للفريق في مسيرته نحو المجد.

لم يكن هذا التتويج وليد الصدفة، بل جاء نتيجة سنوات من العمل الجاد، حيث استثمرت إدارة النادي في بناء فريق تنافسي، معتمدة على رؤية رياضية واضحة، ركزت على استقطاب مواهب واعدة، وتطوير البنية التحتية للنادي، بما في ذلك الملعب والمنشآت التدريبية، مما جعله من الأندية الأكثر استقرارًا في المغرب.

يمثل هذا التتويج نقطة تحول في تاريخ نهضة بركان، إذ لم يعد الفريق يقتصر على كونه منافسًا قويًا في الكؤوس الإفريقية، مثلما حدث في كأس الكونفدرالية الإفريقية التي توج بها مرتين، بل بات الآن بطلًا للدوري المغربي، وهو ما يمنحه دفعة قوية للمشاركة في دوري أبطال إفريقيا الموسم المقبل، حيث سيحاول إثبات جدارته بين كبار القارة.

الجماهير البركانية احتفلت بهذا الإنجاز التاريخي بطريقة غير مسبوقة، إذ امتلأت شوارع المدينة بالمشجعين الذين عبروا عن فرحتهم الكبيرة برؤية فريقهم يرفع درع البطولة لأول مرة. المشهد كان أشبه بعرس كروي، عكس مدى ارتباط سكان المنطقة الشرقية بناديهم، وحجم الشغف الذي يتمتعون به تجاه كرة القدم.

بفوزه بلقب البطولة، يكون نهضة بركان قد كتب اسمه بأحرف من ذهب في سجل كرة القدم المغربية، مبرهنًا أن الإصرار والعمل الجاد قادران على صناعة المعجزات. والآن، سيكون التحدي الأكبر أمام الفريق هو الحفاظ على مستواه، والمنافسة على ألقاب جديدة، سواء على الصعيد المحلي أو القاري، لإثبات أن هذا التتويج لم يكن مجرد طفرة، بل بداية عهد جديد لنهضة بركان في سماء الكرة المغربية والإفريقية.