"العيون الطائرة" تحلق لفرض القانون: درونات الأمن المغربي تعيد رسم خرائط السيطرة الميدانية

 "العيون الطائرة" تحلق لفرض القانون: درونات الأمن المغربي تعيد رسم خرائط السيطرة الميدانية
شؤون أمنية وعسكرية / الاثنين 19 مايو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو ملاك

في مشهد يعكس تحوّلًا نوعيًا في هندسة الأمن الحضري، برز رواق الدرونات في الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بمدينة الجديدة كعنوان صارخ لاندماج الذكاء الاصطناعي في بنية التدخلات الأمنية بالمغرب، لم تعد الطائرات بدون طيار حكرًا على السيناريوهات العسكرية، بل أصبحت أحد أبرز أعمدة التخطيط الأمني المعاصر، تكشف خريطة التهديدات وتعيد رسم حدود السيطرة في الفضاء العمومي.

وسط حضور جماهيري مكثف، انكشف للزوار حجم القفزة التكنولوجية التي قطعتها المديرية العامة للأمن الوطني في سبيل تحديث أدواتها، حيث عرضت مجموعة من المسيرات الذكية المجهزة بكاميرات حرارية وتقنيات تعقب متقدمة.

هذه الأدوات باتت تمثل جيلًا جديدًا من الحضور الأمني "اللامرئي" القادر على تغطية مناطق واسعة ورصد التحركات المشبوهة بسرعة ودقة تفوق قدرات الدوريات التقليدية.

الدرونات الأمنية، وفق تأكيدات المسؤولين الأمنيين، لم تعد مجرد أدوات مساعدة بل أضحت عناصر استراتيجية في التدخلات، من مراقبة التجمعات الجماهيرية إلى ضبط تحركات المهاجرين غير النظاميين في المناطق الوعرة، الفرق المتخصصة في تشغيل هذه "العيون المحلقة" تتلقى تكوينًا دقيقًا لتفعيل هذه الوسائل ضمن الإطار القانوني، مع احترام صارم لمقتضيات حماية المعطيات الشخصية.

في المشهد الميداني، تلعب المسيرات دورًا حاسمًا في ضبط الوضعيات الطارئة، حيث تستخدم لتعقب السائقين المتهورين أو أولئك الذين يفرون من حواجز الأمن، فتحدد مواقعهم بدقة وتوجه الفرق الأرضية للتدخل وفق مساطر واضحة، مما يحدّ من المطاردات الخطرة ويرفع من نجاعة الاستجابة الأمنية في شوارع المدن.

لكن الأثر الأعمق لهذا التوجه لا يُقاس فقط بنجاعة الأداء الأمني، بل يمتد ليشمل طريقة اشتغال الدولة على مفهوم "الاستباق"، حيث لم تعد الأجهزة الأمنية تنتظر وقوع الخطر، بل تتحرك داخل زمن استباقي مدفوع بالبيانات والتحليل اللحظي للصور الجوية، إنها قفزة مفاهيمية تعزز قدرة المغرب على مواكبة تعقيدات التهديدات الأمنية الجديدة التي تتغير سرعتها وطبيعتها بشكل غير مسبوق.

الرسالة التي تنبعث من هذا المعرض الأمني واضحة: المغرب لم يعد يراهن فقط على العَين البشرية، بل فعّل منظومة مراقبة جوية ذكية، تُمكّنه من التحليق فوق المخاطر وتحويل السماء إلى خط أول للدفاع، في زمن تزداد فيه التحديات الأمنية تعقيدًا، تظل التكنولوجيا الذكية أقصر طريق نحو أمن استباقي، فعال، ومحترم للحقوق.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك