المغرب يصنع مقاتلات F-16:بداية عصر صناعي عسكري جديد بالتحالف مع واشنطن..من التصنيع إلى السيادة والمملكة تدخل نادي الكبار

المغرب يصنع مقاتلات F-16:بداية عصر صناعي عسكري جديد بالتحالف مع واشنطن..من التصنيع إلى السيادة والمملكة تدخل نادي الكبار
شؤون أمنية وعسكرية / الجمعة 09 مايو 2025 - 15:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت

في تطور غير مسبوق يُدشّن المغرب خطوة استراتيجية تاريخية في مسار تطوره الصناعي والدفاعي، حيث تم الإعلان رسميًا عن إطلاق مشروع صناعي ضخم لتصنيع وتجميع هياكل مقاتلات F-16 Fighting Falcon داخل المنطقة الصناعية "ميدبارك" بالنواصر، قرب الدار البيضاء.

المشروع المذكور، والذي يتم تنفيذه بشراكة مباشرة مع العملاق الأمريكي Lockheed Martin، يضع المغرب على خارطة الدول المنتجة لتقنيات الطيران الحربي المتقدمة، ويمنحه موطئ قدم صناعيًا ضمن منظومة الدفاع الأمريكية العالمية.

مقاتلة F-16 من الإنتاج الأمريكي إلى التجميع المغربي

الطائرة F-16، وتحديداً نسختها المتطورة F-16V Viper، تُعدّ من بين المقاتلات متعددة المهام الأكثر استخداماً ونجاحاً على المستوى العالمي.

ويهدف المشروع المغربي إلى إنتاج وتجميع هياكل وأجزاء رئيسية من هذه الطائرة، باستخدام خطوط تصنيع عالية الدقة ومؤتمتة بالكامل، مع إدماج كفاءات مغربية تم تكوينها في ميادين هندسة وصيانة الطيران.

سيُشكل هذا المشروع نقلة نوعية لصالح السيادة الصناعية للمملكة، خاصة أن مكونات F-16 المغربية ستدخل في سلاسل الإمداد العالمية التي تغذي مصانع التجميع النهائي للطائرات في الولايات المتحدة ودول أخرى حليفة.

تحالف دفاعي متين: من التوريد إلى الإنتاج

العلاقة الدفاعية بين الرباط وواشنطن ليست جديدة. بل هي ثمرة شراكة طويلة المدى بدأت منذ عقود، وجرى تتويجها بتوقيع خارطة طريق عسكرية مشتركة للفترة 2020–2030. وتمثل هذه الخارطة مرجعًا لتطوير القدرات الدفاعية للمغرب، وتؤسس لنقل حقيقي للمعرفة والخبرة والتكنولوجيا.

ويُعد المغرب أحد أهم زبائن طائرات F-16 في المنطقة، حيث قام مؤخرًا باقتناء 25 مقاتلة جديدة من طراز F-16V، إلى جانب برنامج تحديث شامل لأسطوله الجوي الحالي، مما جعله يدخل ضمن النخبة الجوية في إفريقيا والشرق الأوسط.

ميدبارك: منصة صناعية دفاعية بطموحات عالمية

منطقة "ميدبارك" الصناعية، حيث سيُقام المصنع، تمثل نموذجًا للتكامل الصناعي في مجالات الطيران والفضاء والدفاع. وقد تم إعدادها خصيصًا لاستقطاب الاستثمارات ذات القيمة المضافة العالية، مستفيدة من القرب الجغرافي للمطارات والبنية التحتية الصناعية واللوجستية المتقدمة.

هذا المشروع الضخم لا يُعد مجرد وحدة إنتاج، بل هو حجر أساس لإطلاق منظومة صناعات دفاعية وطنية، قادرة على الاستجابة للاحتياجات السيادية للبلاد، وفتح آفاق واسعة أمام التصدير نحو أسواق متعددة.

أثر اقتصادي وتكنولوجي متعدد الأبعاد

من المرتقب أن يُحدث المشروع المئات من مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة، ويُنعش سلاسل التكوين المهني والتقني، خاصة في مجالات الميكانيك الدقيقة والهندسة الصناعية والطيران العسكري. وسيُسهم كذلك في تعزيز الكفاءات المغربية في مجال صناعة الطيران والدفاع، عبر برامج تدريب ميدانية متقدمة ونقل مباشر للتكنولوجيا من الولايات المتحدة.

كما ينتظر أن تتطور حول المشروع منظومة صناعية فرعية تشمل شركات مغربية صاعدة في مجالات البرمجيات، الأتمتة، المعالجة المعدنية، واللوجستيك الصناعي.

توازنات إقليمية جديدة:المغرب فاعل صناعي وعسكري صاعد

هذا الإنجاز لا يمكن عزله عن السياق الجيوستراتيجي الإقليمي، حيث يُشكل المغرب حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة خارج حلف الناتو، ويضطلع بدور مركزي في حفظ الأمن والاستقرار في شمال إفريقيا والساحل.

المغرب بهذا المشروع يُعزز ليس فقط ترسانته العسكرية، بل يثبت كذلك أنه يمتلك مؤهلات الدخول إلى نادي الدول المنتجة والمُصدّرة للمنتجات العسكرية ذات التقنية العالية، بما يجعل قراراته الاستراتيجية أكثر استقلالية، وقدرته التفاوضية أكبر إقليمياً ودولياً.

نحو نموذج مغربي للصناعات الدفاعية: السيادة عبر التكنولوجيا

يُعد هذا المشروع نموذجًا عمليًا للطريقة التي يمكن بها للدول الصاعدة أن تكتسب السيادة من خلال التصنيع، وليس فقط عبر التسلح. فالمغرب لا يشتري الأسلحة فقط، بل يُشارك اليوم في صناعتها، ويُؤسس لمنظومة صناعية دفاعية تمتد من التكوين إلى التصدير.

وبينما يتطلع العالم إلى تقلبات الجغرافيا السياسية، يُبرهن المغرب أنه يتحرك برؤية بعيدة المدى: صناعة دفاعية، شراكات تكنولوجية، كفاءات بشرية محلية، وتموقع إقليمي في قلب موازين القوى الجديدة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك