أنتلجنسيا المغرب
شهدت الرباط يوم السبت 22 نونبر 2025 حدثاً استثنائياً يكسر جدار الصمت ويدفع النقاش الحقوقي في المغرب نحو مواجهة مباشرة مع أكثر العقوبات إثارة للجدل: عقوبة الإعدام.
فقد أعلن تأسيس شبكة الطبيبات والأطباء من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، في خطوة وصفها الحقوقيون بالتحول النوعي الذي يمنح حركة الإلغاء قوة رمزية ومهنية غير مسبوقة.
جسم طبي يرفض أن يكون شاهد زور
شبكة الأطباء الجديدة أعلنت منذ لحظة ميلادها انحيازها المطلق لـ"قدسية الحق في الحياة"، وهو مبدأ يكرسه الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى رأسها البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
فانخراط الأطباء، وفق اللجنة التحضيرية، لم يعد مجرد موقف أخلاقي، بل واجب مهني ينسجم مع الرسالة الإنسانية للطبيب، الذي لا يمكنه أن يشارك ــ بصمت أو تواطؤ غير مباشر ــ في شرعنة الإعدام مهما كانت مبرراته.
شرعية دولية وتردد محلي
تأسيس الشبكة يأتي بعد أشهر فقط من تصويت المغرب الداعم لقرار أممي جديد يدعو إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام خلال الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة (دجنبر 2024).
لكن هذا التصويت ما يزال، في نظر حقوقيين بارزين، خطوة غير كافية ما دام المغرب لم يعلن وقفاً فعلياً للتنفيذ ولم ينخرط تشريعياً في مسار الإلغاء الكامل.
وهنا، يرى المتابعون أن دخول الأطباء إلى المعركة قد يحوّل الإلغاء من مطلب نخبة حقوقية إلى مطلب مجتمعي ذي مصداقية عالية.
عبد الرحيم الجامعي:لحظة تمنح الأمل
كلمة منسق الائتلاف المغربي لإلغاء عقوبة الإعدام، النقيب عبد الرحيم الجامعي، حملت إشادة قوية بالمبادرة.
معتبراً إياها “دفعة نوعية ستُحرج كل من يبرر استمرار هذه العقوبة اللا إنسانية”، مؤكداً أن “الجسم الطبي بما يحمله من مكانة أخلاقية لا يمكن إلا أن يقف في صف حماية الحياة ضد منطق الانتقام والعقاب الجسدي”.
نقاشات حامية وصياغة ميثاق يرفض الموت
بعد عرض مشروعي القانون الأساسي وميثاق العمل، فتح الباب لنقاشات واسعة ساهمت في إثراء الوثائق التأسيسية. العديد من المقترحات دعت إلى:
تعزيز الترافع المهني ضد عقوبة الإعدام،
توسيع قاعدة المنخرطين من داخل القطاع الصحي،
الضغط من أجل ملاءمة التشريعات الوطنية مع التزامات المغرب الدولية.
وفي النهاية صادق الجمع العام بالإجماع على القانون الأساسي والميثاق، في خطوة تعكس وحدة الموقف داخل الجسم الطبي المناهض للإعدام.
انتخاب قيادة ميدانية لشبكة تواجه “عقوبة الموت”
أسفر الجمع العام عن انتخاب لجنة إشراف تنفيذية تمثل القيادة الجديدة للشبكة، وجاءت تركيبتها كالتالي:
المنسق: الدكتور محمد النشناش
نائب المنسق: الدكتور عمرو بنعمرو
أمينة المال: الدكتورة ندى الدريدي
نائب أمينة المال: الدكتور نصر سيف الدين
المقرر: الدكتور أيمن الغازي
نائب المقرر: الدكتور علي الموساوي
المستشارون: الدكتورة رجاء الصديقي، الدكتور محمد حلوط، الدكتور حسن بلكبير
هذه القيادة ستتكلف بتوجيه أعمال الشبكة وتنسيق الترافع الطبي ضد عقوبة الإعدام في المغرب.
صوت الأطباء يربك الحسابات
اختتم منسق لجنة الإشراف الجلسة بكلمة مؤثرة هنأ فيها جميع المشاركين، ووجه شكراً خاصاً لهيئة المحامين بالرباط على احتضانها لهذا الحدث النضالي.
هذه الخطوة لا تعني فقط تأسيس شبكة جديدة، بل تحوّلاً في خرائط الضغط الحقوقي بالمغرب، حيث باتت فئات مهنية مؤثرة ــ كالأطباء ــ تدخل المعركة ضد عقوبة الإعدام من موقع أخلاقي وإنساني يفوق بكثير الأساليب التقليدية للترافع.
بل إنها رسالة واضحة:المجتمع الطبي في المغرب يرفض عقوبة الموت… وعلى الدولة أن تلتقط الإشارة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك