أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
خلال 2024 و2025 شهدت الساحة المغربية تداخلًا حادًا بين قنوات القمع التقليدية والآليات القانونية والإلكترونية، ما أدّى إلى تراجع محسوس في المساحة المتاحة للصحافة المستقلة، المدافعين عن الحقوق، والناشطين السياسيين.
هذه العودة إلى مناخ تضيق الحريات لم تكن عشوائية: تشمل توقيفات واستدعاءات قضائية، محاكمات بتهم جنائية، حملات تشويه وإقصاء من الفضاء العام، إلى جانب استعمال أدوات قانونية لفرض رقابة غير مباشرة.
Freedom House
لمحة رقمية موجزة (أهم المؤشرات والتحولات)
تصنيف Freedom House: المغرب مصنّف كـ «جزئياً حر» (Freedom in the World score: 37). هذا التقييم يعكس تراجعاً في حقوق التعبير والمشاركة السياسية.
Freedom House
مؤشر الصحافة العالمية (RSF): تحسين رقَمِيّ بسيط في 2024 (انتقال من المرتبة 144 إلى 129 من أصل 180) لكن التحسّن لم يمنع استمرار مظاهر القمع والاحتكاك القانوني للصحفيين؛ وفي تقارير 2025 سجلت مؤسسات بحثية تذبذبًا في ترتيب المغرب يجعل الوضع بعيدًا عن أي ضمانات لحرية حقيقية.
العفو الملكي (يوليو 2024): شمل إطلاق سراح 2,476 محكوماً، بينهم صحفيون وناشطون معروفون؛ العفو عرّض نقاشًا عامًّا حول ما إذا كان هذا تراجعًا دائمًا لسياسات القمع أم إجراء مؤقتًا لإدارة الصورة الدولية.
Amnesty International
استمرار المحاكمات والترهيب: حالات توقيف ومحاكمة لفاعلين ومدافعين وناشطين مثل حالة Fouad Abdelmoumni التي أدّت إلى حكم سجني/غرامة في 2025 على خلفية منشور على فيسبوك. هذا يؤكد استمرار استعمال القوانين لمقاضاة صوت نقدي.
Human Rights Watch
هذه المؤشرات تُظهر أن المؤشرات الإحصائية قد تعطي انطباعًا متذبذبًا (تحسّن رقمي في مؤشرات دولية)، لكن الواقع الميداني يظل ضاغطًا والآليات القضائية والإدارية لا زالت تُستخدم لتقييد الفضاء المدني والإعلامي.
Reporters Sans Frontières
أبرز محطات 2024–2025 (تراكمات واضحة)
محاكمات صحفيين ونشطاء قبل/بعد العفو — رغم العفو الملكي (يوليو 2024) الذي أخرج أسماء لافتة، استمرّت حملات التشهير والمتابعات القضائية ضد آخرين، كما أن الإفراجات لم تضع نهاية لقضايا التعقّب القضائي التي تطال العمل الصحافي.
Amnesty International
استخدام تهم جنائية/مقالات في قانون العقوبات — تهم مثل "نشر ادعاءات كاذبة"، "الإساءة إلى مؤسسات"، أو "التحريض" استُخدمت لتحريك قضايا ضد منتقدين ونشطاء. هاد الأسلوب يقلّل من هامش التعبير ويحوّل المساحة العامة إلى منطقة خطرة للانتقاد.
Human Rights Watch
الفضاء الرقمي تحت المراقبة — توقيفات ونطاقات مضايقة طالت مستخدمي منصات التواصل، ونشر محتوى اعتُبر "مُضلّل" أو "مسيئ" جرّ متابعين أمام القضاء. التقرير السنوي لـFreedom House (Freedom on the Net) يؤكد استمرار ملاحقات نشاطات على الإنترنت.
Freedom House
قصص ذات وزن: أسماء وحالات تُجسّد الصورة
أسماء مُفرَجٌ عنها بعفو 2024: من بينها صحفيون بارزون (مثل عمر الراضي، توفيق بوعشرين، سليمان الريسوني) — إطلاق سراحهم أثار نقاشًا واسعًا حول دوافع العفو وحدوده.
Amnesty International
قضايا مستمرة وملاحقات جديدة: ملف Fouad Abdelmoumni (اعتقال في أواخر 2024 وإدانة/حكم في 2025) نموذج يُظهر كيف أن التعبير السياسي قد يجرّ إلى عقوبات جنائية.
أدوات القمع: كيف تُطبّق قيود حرية الرأي عملياً؟
القضاء كأداة ردع: فتح تحقيقات وبَتُّ أحكام وغرامات أو تهديد بالإدانة بتهم جنائية موجهة لصحفيين ونشطاء.
Human Rights Watch
القوانين الفضفاضة والمواد المعمّمة: نصوص قانونية تسمح بتأويل واسع مثل "الإساءة إلى مؤسسات" أو "نشر أخبار كاذبة".
Reporters Sans Frontières
الضغوط الاقتصادية والإدارية: سحب إعلانات، مقاطعة إعلانية، أو مضايقات إداراتية ضد وسائط إعلامية منتقدة.
Human Rights Watch
حملات تشويه وتشهير: حملة مضادة على منصات التواصل ووسائط تقليدية لتقويض مصداقية الصحفيين والمدافعين.
Amnesty International
ماذا تقول تقارير المنظمات الدولية؟ (خلاصة استنتاجية)
Freedom House: يعدّ أن الحريات السياسية والمدنية في المغرب محدودة، ويضع البلد في خانة "جزئياً حر" مع نقاط ضعف واضحة في حرية التعبير.
Reporters Without Borders (RSF): على الرغم من تحسّن رقمي محدود في ترتيب 2024، تُحذّر RSF من استمرار ملاحقات الصحفيين ووجود "ضغوطات مهيكلة" على المهنة الإعلامية.
Amnesty International: توثّق حالات مساومة الحقوقيين والصحفيين بالمسالك القضائية، وتُشير إلى استمرار الانتهاكات على الرغم من بعض الإفراجات.
Human Rights Watch وتقارير حكومية دولية (مثل تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حقوق الإنسان 2024): تشير إلى ملاحقات قضائية متصلة بحرية التعبير، ومحاكمات تُثير مخاوف بشأن إجراءات عادلة.
خلاصة هذه المنظمات: لا يوجد تناقض تام بين الإفراجات الأحادية (العفو) ومحاولات تلميع الصورة الدولية، وبين استمرار استراتيجية تضييق المنفذ العام والرقابة القضائية على الأصوات النقدية.
تأثير التضييق على الصحافة والمجتمع المدني
الاستقصاء الصحافي في خطر: الصحفيون الاستقصائيون يواجهون مخاطرة مزدوجة — قانونية ومادية — تقلّل من قدرتهم على تغطية ملفّات الفساد والملفات الحسّاسة.
Réseau Mondial de Journalisme
التبعات على الديمقراطية: تراجع المساحة الحرة للخطاب العام يضعف الرقابة الشعبية على السلطات ويجهض النقاش حول البدائل السياسية والإصلاحية.
Freedom House
الداخل مقابل الخارج: المغرب يحاول إدارة صورته الدولية عبر إجراءات مثل العفو، لكنها لا تحلّ المشكلة البنيوية للقيود والتجريم القضائي المستمر.
Amnesty International
توصيات سريعة (للمطالبة والإطار الصحافي)
إصلاح تشريعي فوري: مراجعة المواد الجنائية الفضفاضة التي تُستخدم ضد التعبير الصحافي والسياسي.
Reporters Sans Frontières
ضمانات قضائية: احترام معايير المحاكمة العادلة ووقف المتابعات التي تفتقر إلى أدلة جنائية حقيقية.
État des États-Unis
حماية الصحافة الاستقصائية: آليات لحماية المصادر وسنّ قوانين تُصون العمل الصحافي الاستقصائي.
Réseau Mondial de Journalisme
شفافية حول حالات السجون والمتابعات: نشر بيانات رسمية حول حالات الموقوفين والمتابعين لأسباب متصلة بالتعبير.
Amnesty International
هل هناك أمل؟
نعم، هناك أمل، لكنه مرتبط بمقومات جسيمة: استقلال قضائي حقيقي، مجتمع مدني منظم قادر على الضغط، وإعلام حرّ وقادر على الاستمرار رغم المخاطر. الإفراجات والعفو قد تمنح نفَسًا قصير المدى، لكن دون إصلاحات مؤسساتية ستبقى حرية الرأي في المغرب معرضة للتقلبات والمتاجرة، وستبقى المساحة العامة هدفًا للتحكم أكثر منها ساحة للنقاش الديمقراطي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك