أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي
في تطور يحمل دلالات استراتيجية عميقة، كشفت تصريحات أمريكية حديثة عن نية الجيش الأمريكي نقل مقر القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (AFRICOM) من ألمانيا إلى مدينة القنيطرة بالمغرب. خطوة تُعد اعترافاً صريحاً بدور المملكة المحوري في الأمن الإقليمي والقاري، وتعكس تحولا في العقيدة العسكرية الأمريكية تجاه إفريقيا.
مداولات في الكونغرس ;مؤشرات على تغيير وشيك
جاء هذا الكشف خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأمريكي، خصصت لمناقشة "الموقف العسكري للولايات المتحدة والتحديات الأمنية الوطنية في الشرق الأوسط وإفريقيا". الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا، أشار بوضوح إلى أن الولايات المتحدة بصدد دراسة نقل مقر AFRICOM من مدينة شتوتغارت الألمانية إلى القنيطرة، واصفاً المغرب بـ"الشريك الأكثر موثوقية في القارة".
ورغم أن القرار لم يُحسم بعد، إلا أن هذا التصريح يعكس تغيراً في التوجهات الاستراتيجية الأمريكية، خاصة أن الفكرة ليست وليدة اليوم، بل طُرحت مراراً منذ بداية ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.
مزايا استراتيجية للقنيطرة
اختيار القنيطرة كمقر محتمل لـ AFRICOM ليس اعتباطياً. فالموقع الجغرافي المميز للمغرب عند نقطة التقاء أوروبا بإفريقيا، وانفتاحه على الأطلسي، يجعله قاعدة مثالية لعمليات الانتشار السريع وإدارة الموارد في مناطق التوتر، خصوصاً الساحل وغرب إفريقيا.
كما أن المغرب راكم تجربة طويلة في محاربة الإرهاب، والمشاركة في عمليات حفظ السلام، ودعم الاستقرار الإقليمي، ما يعزز من صورته كشريك استراتيجي يُعتمد عليه.
خيارات مطروحة وسيناريوهات متباينة
في السابق، طُرحت وجهات أخرى كمقر بديل لـ AFRICOM، من بينها قاعدة روتا البحرية في إسبانيا، وتونس. لكن هذه المقترحات لم تَحُز توافقاً داخل أروقة البنتاغون أو الكونغرس، لتبقى القنيطرة اليوم أقرب الخيارات واقعية.
كما ساهمت حالة عدم الاستقرار في بعض مناطق الساحل، ومقتل أربعة جنود أمريكيين في النيجر سابقاً، في تعميق القناعة بضرورة تموقع القيادة خارج بؤر التوتر المباشر، لكن بالقرب منها، وهو ما ينطبق على القنيطرة.
تحولات في القيادة العسكرية الأمريكية
بالتوازي مع مناقشات نقل المقر، تم الإعلان عن تعيينات جديدة داخل AFRICOM. إذ من المرتقب أن يتولى الجنرال ديفيد أندرسون، كأول ضابط من سلاح الجو قيادة القيادة، بينما سيشغل الجنرال براد كوبر، منصب قائد العمليات. هذه التغييرات تعكس نية في إعادة هيكلة المؤسسة بما يتماشى مع المتغيرات الجيوسياسية في القارة الإفريقية.
خلفية تاريخية: لماذا لم يُنشأ المقر أصلاً في إفريقيا؟
عندما أُطلقت القيادة الأمريكية لإفريقيا سنة 2007 في عهد جورج بوش الابن، كان الهدف أن تتخذ من القارة الإفريقية مقراً لها. لكن حجم القارة، وتنوع الأنظمة السياسية، والجدل الداخلي الأمريكي، حال دون ذلك.
فضلت لجنة القوات المسلحة حينها، وبعد جدل طويل، أن يكون مقر AFRICOM في شتوتغارت الألمانية، حيث يمكن التنسيق مع القيادة الأوروبية EUCOM، مع تقليل المخاطر اللوجيستية والسياسية.
هل تحسم واشنطن خيار القنيطرة؟
رغم أن نقل مقر AFRICOM لا يزال قيد النقاش، فإن التصريحات الأمريكية الأخيرة تمنح المغرب نقاطاً دبلوماسية وأمنية مهمة. فإذا ما تأكد هذا القرار، فإن القنيطرة ستكون على موعد مع تحوّل تاريخي، يجعلها مركزاً لواحدة من أهم القيادات العسكرية في العالم، ويكرّس موقع المملكة كفاعل محوري في الأمن الإقليمي والدولي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك