سد عملاق مائي يرتفع بصمت وسط الجبال ويعد بتحول استراتيجي في أمن الماء والفلاحة والطاقة

أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا

في قلب جبال تاونات، يعلو صوت الآليات والمعدات الثقيلة معلنًا عن تقدم أشغال إنجاز سد الرتبة بجماعة الودكة بتاونات، حيث بلغت نسبة إنجازه حوالي 30 في المائة، بحسب ما أكده وزير التجهيز والماء، نزار بركة، خلال زيارة ميدانية مرفوقًا بعامل الإقليم.

هذا السد الذي يصنف ضمن الأكبر على مستوى الجهة، يحمل في أعماقه وعودًا كبرى بتحقيق نهضة مائية وزراعية واجتماعية لم تشهدها المنطقة منذ عقود.

بقدرة تخزينية هائلة تقارب مليار متر مكعب، يرنو سد الرتبة لأن يصبح ثاني أضخم منشأة مائية بعد سد الوحدة، مشكلاً بذلك حجر الزاوية في تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء ومياه السقي 2020-2027، الذي أطلقه الملك محمد السادس. وحسب المعطيات التقنية، فإن المشروع سيمكن من تزويد ساكنة الإقليم بالماء الصالح للشرب، وتوفير الري المنتظم للأراضي الزراعية، خصوصًا تلك التي تحتضن سلاسل إنتاج الزيتون، ما يعزز من قدرة تاونات على التحول إلى قطب فلاحي مزدهر.

لكن طموحات هذا المشروع تتجاوز حدود الماء والفلاحة، إذ يُراهن عليه لإنتاج الطاقة الكهرمائية النظيفة، في وقت تعيش فيه المملكة سباقًا وطنيًا ودوليًا نحو الطاقات المتجددة. وبفضل تحكمه المتوقع في فيضانات المنطقة، يُرتقب أن يقلّص من الأضرار البيئية والمادية، ما يمثل نقلة نوعية في البنية التحتية الوقائية للمجال القروي بالإقليم.

الكلفة الإجمالية للمشروع، التي تناهز 4.5 مليار درهم، ليست مجرد استثمار في الخرسانة والمعدات، بل في مستقبل التنمية المستدامة. ذلك أن المشروع سيساهم في خلق فرص شغل وتحسين ظروف عيش آلاف المواطنين القرويين، ما يجعله نموذجًا للتنمية المتوازنة التي تستند إلى الرؤية الملكية في تدبير الموارد الطبيعية وتحقيق العدالة المجالية.

ومع توقع الشروع في ملء حقينة السد أواخر سنة 2028، أي قبل سنة كاملة من الموعد المحدد، تبدو تاونات على موعد مع ولادة عملاق مائي سيعيد رسم خريطتها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. إنه مشروع يكتب فصلاً جديدًا في تاريخ الإقليم... بهدوء، ولكن بحزم وبُعد نظر استراتيجي.