أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في أوساط الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وخاصة بإسبانيا، دخلت السلطات الإسبانية خلال موسم العودة الصيفية في تنفيذ صارم لإجراء قانوني يتعلق بنقل رخص السياقة الأصلية داخل السيارات العائدة من المغرب.
ويقضي الإجراء بفرض غرامة تصل إلى 500 يورو على كل من يتم ضبطه وهو يحمل الرخصة الأصلية داخل سيارته عند الدخول إلى التراب الإسباني، بدعوى أن ذلك يشكل "مخالفة مرورية" من حيث تأمين الوثائق وتسيير المركبة، بحسب تفسيرات المصالح الأمنية الإسبانية.
الخلفية القانونية التي تستند إليها الغرامة
بحسب القوانين الإسبانية الخاصة بالنقل والسير، يُمنع على السائقين حمل أو استخدام وثائق أصلية رسمية غير إسبانية داخل السيارات، دون مصادقة مسبقة أو إشعار قانوني.
وفي حالة رخص القيادة، يُلزم القانون الإسباني السائقين، سواء المقيمين أو الزائرين، باعتماد الرخص الأوروبية المعترف بها أو رخص دولية، أو الإدلاء بنسخ مصادق عليها للرخص الوطنية إن تعلق الأمر برخص غير أوروبية كالمغربية.
وبذلك، فإن وجود الرخصة المغربية الأصلية داخل السيارة، حتى وإن لم تُستخدم أثناء القيادة، يمكن أن يُفسَّر من طرف السلطات الإسبانية كنية للتحايل أو التملص من ضوابط القيادة، أو كوثيقة لا يجب أن تُحمل دون ضرورة، وفقاً للتصنيف القانوني الإسباني.
الجالية المغربية تحت المجهر
الموسم الصيفي، الذي يشهد عودة آلاف أفراد الجالية المغربية إلى أرض الوطن، ثم عودتهم إلى بلدان الإقامة عبر البر، غالباً ما يكون محفوفاً بالتدقيقات الأمنية والإدارية، خاصة في المعابر بين المغرب وإسبانيا، كـ ميناء الجزيرة الخضراء أو ميناء ألميريا.
ويبدو أن السلطات الإسبانية شدّدت مراقبتها هذا العام على السيارات العائدة من المغرب، حيث أفاد عدد من المغاربة المقيمين بإسبانيا أنهم تعرضوا لغرامات فورية، بمجرد اكتشاف رخص سياقة مغربية أصلية داخل سياراتهم، حتى دون استخدامها أثناء القيادة.
وتراوحت الغرامات ما بين 200 و500 يورو، اعتماداً على ما إذا تم أداء الغرامة فوراً أو في وقت لاحق، وعلى ما إذا كانت الرخصة تخص السائق نفسه أو شخصاً آخر من العائلة.
الغموض القانوني وتضارب التأويلات
عدد من الجمعيات المهتمة بحقوق الجالية المغربية في إسبانيا اعتبرت أن القرار ينطوي على شبهة تعسف إداري، خصوصاً في ظل غياب بلاغ رسمي واضح يوضح للمهاجرين المغاربة الإجراءات المسموح بها بخصوص وثائقهم الوطنية أثناء السفر.
كما طالبت هذه الجمعيات وزارة الخارجية المغربية والقنصليات بفتح حوار مع الجانب الإسباني لتوضيح القواعد القانونية بشكل يضمن حماية حقوق السائقين المغاربة، وتجنب استهدافهم بعقوبات غير مبررة.
وفي المقابل، ترى بعض الجهات القانونية الإسبانية أن وجود وثائق رسمية مغربية داخل سيارة مرقمة في أوروبا يُعد خرقاً فنياً لتشريعات السلامة المرورية، خاصة في ظل الحملات الأمنية ضد التهريب أو التلاعب في الوثائق.
ويخشى بعض المسؤولين أن تُستغل هذه الوثائق في أنشطة غير قانونية أو تقديم بيانات متضاربة في حال وقوع حوادث.
دعوات للتوعية والحذر
في ظل هذا الواقع الجديد، أصبح من الضروري جداً على المغاربة المقيمين في الخارج توخي الحذر الشديد عند العودة من المغرب إلى أوروبا، وعدم الاحتفاظ داخل السيارة بأي وثائق أصلية وطنية غير معترف بها في بلد الإقامة، دون ضرورة أو إذن قانوني.
ويوصي خبراء السلامة الطرقية بضرورة ترك الوثائق الأصلية في الأمتعة أو الاكتفاء فقط بنسخ رقمية أو ورقية مصادق عليها، لتفادي الوقوع في مشاكل غير متوقعة.
كما طالبت منظمات المجتمع المدني والجمعيات الممثلة للجالية المغربية بإطلاق حملات تحسيسية وتنسيق مع السلطات القنصلية لشرح الإجراءات القانونية الجديدة بشكل واضح وباللغة العربية والدارجة المغربية، حتى لا يُفاجَأ المواطنون بالغرامات الفادحة.
في الختام، العودة من المغرب إلى أوروبا لم تعد مجرد رحلة بين الميناء والبيت، بل باتت تمر عبر شبكة من القوانين والاحتياطات التي قد تُكلف السائق الكثير إن هو أغفل أحد تفاصيلها.
وفي ظل غياب وضوح تشريعي حول موضوع بسيط مثل حمل رخصة السياقة الأصلية داخل السيارة، تبقى الوقاية القانونية خير وسيلة لتجنب الغرامات أو المفاجآت.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك