أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
مع اقتراب موعد الاستحقاقات التشريعية والجماعية لسنة 2026، بدأ منسوب الشكوك يتصاعد داخل الأوساط السياسية والحقوقية بشأن ما اعتبرته أطراف معارضة "احتمال تسخير مؤسسات الدولة الحساسة لخدمة أغراض انتخابية"، وعلى رأسها الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي، التي أصبحت في صلب الجدل السياسي بالمغرب.
النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فجّرت الموضوع داخل قبة البرلمان، من خلال سؤال كتابي وجهته إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، عبّرت فيه عن قلق متزايد من إمكانية استغلال قواعد بيانات الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي لخدمة الأجندات السياسية لحزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة.
وما زاد من حدة هذا القلق، حسب التامني، هو أن مديرة الوكالة الوطنية كانت تشتغل سابقًا في إحدى المؤسسات التابعة لـ"الهولدينغ" الذي كان يُشرف عليه أخنوش، ما يطرح ـ حسبها ـ علامات استفهام كبرى حول حياد المؤسسة واستقلاليتها عن التأثيرات السياسية والحزبية.
وتُحذر التامني من أن قانون الوكالة، خاصة المادة 3 من القانون 59.23، يمنحها صلاحيات واسعة في الوصول إلى المعطيات الشخصية والحساسة للمواطنين المستفيدين من نظام الدعم المباشر، ما قد يجعل منها ـ في غياب الرقابة المستقلة ـ "منجما انتخابيا" يمكن توظيفه بطرق ملتوية.
واستحضرت البرلمانية السابقة الممارسات التي شابت بعض الحملات السابقة، مشيرة إلى أن أحزاب الأغلبية، ومن بينها حزب أخنوش، استغلت خلال الانتخابات الماضية أرقام هواتف المواطنين لإرسال رسائل ترويجية باسم التنظيمات الحزبية، وهو ما أثار حينها موجة استياء واسعة.
وأكدت البرلمانية اليسارية أن المخاوف من استغلال هذه الوكالة اليوم في العمل الانتخابي ليست وليدة التوجس فقط، بل مرتبطة بمعطيات واقعية وتجارب سابقة، داعية رئيس الحكومة إلى الكشف عن الإجراءات الصارمة التي تنوي الحكومة اتخاذها لضمان عدم توظيف هذه المؤسسة الحساسة في أي عمل ذي طابع سياسي أو انتخابي.
في غياب هيئة رقابية مستقلة وذات سلطة فعلية، ترى التامني أن هذه التخوفات تظل مشروعة ومؤسسة على سياق سياسي واقتصادي يتم فيه تشابك المصالح الخاصة بالمسؤولين الحكوميين مع دواليب الدولة، في وقت تتصاعد فيه المطالب الشعبية بتعزيز الشفافية، وضمان تكافؤ الفرص، ووقف كل أشكال التلاعب بثقة المواطن.
ويأتي هذا الجدل في لحظة دقيقة من عمر التجربة الديمقراطية المغربية، حيث يُفترض أن يكون الدعم الاجتماعي أداة لإنصاف الفئات الهشة، لا وسيلة لتغذية الحملات الانتخابية أو تعويم الخريطة السياسية لفائدة طرف دون آخر. وبين سؤال البرلمان وانتظارات الشارع، يبقى على الحكومة أن تُظهر التزامًا فعليًا بحياد الإدارة ونزاهة المسار الانتخابي قبل أن يُحسم الجواب في صناديق الاقتراع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك