أنتلجنسيا المغرب:الربان
تشهد المنظومة التعليمية في المغرب توتراً متصاعداً بين وزارة التربية الوطنية وهيئة التفتيش، بعد أن أعلنت نقابة مفتشي التعليم عن سلسلة من الخطوات التصعيدية، احتجاجاً على ما وصفته بـ"تجاهل ممنهج" لمطالبها العادلة، رغم الدور الحيوي الذي تقوم به في إصلاح وتقييم السياسات التربوية.
هيئة التفتيش: عمود إصلاح مغيب
لطالما لعب مفتشو التعليم دوراً مركزياً في ضبط جودة التعليم ومرافقة عمليات الإصلاح، من خلال التأطير التربوي، وتقييم الأداء، ومواكبة البرامج البيداغوجية. لكن النقابة تشير إلى أن هذا الجهد المتواصل يقابَل بإهمال ممنهج وتجميد للملفات المطلبية، ما يشكل - بحسبها - طعناً في مكانة الهيئة وضرباً في عمق مسار الإصلاح التربوي نفسه.
تصعيد جديد.. الشارة الحمراء والتكوينات تحت المقاطعة
في رد فعل مباشر على ما تعتبره "تماطلاً وإقصاءً"، أعلنت نقابة مفتشي التعليم عن حمل الشارة الحمراء خلال الامتحانات الإشهادية، كخطوة احتجاجية رمزية، إلى جانب تعليق المشاركة في التكوينات المتعلقة بمشروع "مدارس الريادة". ووصفت هذه القرارات بأنها إنذار أولي قبل الدخول في مراحل نضالية أكثر تصعيداً إذا استمر تجاهل المطالب.
مطالب لا تزال تنتظر الإنصاف
تشير النقابة إلى مجموعة من النقاط العالقة منذ سنوات، أهمها:
غياب رؤية واضحة لوضعية الهيئة داخل النظام التربوي الجديد.
تعدد المهام بدون تعويضات أو تحفيزات معنوية.
إقصاء الهيئة من بلورة النموذج البيداغوجي المرتقب.
غياب الحوار الجاد حول تعديل النظام الأساسي، في ظل تغييب لمبدأ المساواة بين الفئات.
وتعتبر النقابة أن استمرار هذا النهج سيقود إلى نسف المكتسبات، ويهدد السلم الاجتماعي داخل القطاع الحيوي.
بيان شديد اللهجة وتحذيرات ثقيلة
في بيانها الأخير، أكدت النقابة أن "تجاهل الحوار الجدي، وتجميد الملفات، يعكس استهدافاً مباشراً لهيئة التفتيش"، وشددت على ضرورة تسريع فتح مفاوضات مسؤولة، تحترم الاتفاقات السابقة، وتكرّس العدالة في التعاطي مع مختلف الفئات التعليمية. كما دعت المفتشات والمفتشين إلى التعبئة التامة تحسباً لأي معركة نضالية قد تفرضها التطورات المقبلة.
إلى أين يتجه المشهد؟
يبقى مصير العلاقة بين هيئة التفتيش والوزارة رهيناً بإرادة سياسية حقيقية تضع الإصلاح على سكّة التشاركية والاعتراف. وفي الوقت الذي تتحدث فيه الوزارة عن نموذج تعليمي جديد، يطرح المفتشون سؤالاً وجودياً: كيف يتم إصلاح المنظومة بمنهجية إقصائية؟ ومن دون إشراك من يُفترض أنهم حرّاس الجودة التربوية؟
ختاما، يبدو أن هيئة التفتيش التربوي قد نفد صبرها، وأرسلت إشارات احتجاج واضحة. والكرة الآن في ملعب وزارة التربية الوطنية، التي إما أن تختار الإنصات والتفاوض، أو المضي في خيار التجاهل الذي قد يُفجّر مزيداً من التوتر في واحدة من أكثر القطاعات حساسية في المغرب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك