أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
تسببت مراسلة صادرة عن وزارة التربية الوطنية تدعو إلى إدماج فنون الرقص الحضري، مثل "الهيب هوب" و"البريكينغ"، في برامج التربية البدنية داخل المؤسسات التعليمية، في حالة من الجدل والسخرية والانتقادات الحادة وسط الأطر التربوية والرأي العام، وهو ما سرعان ما تحوّل إلى قضية سياسية وصلت صداها إلى قبة البرلمان.
الخطوة التي اعتبرها البعض "غريبة" و"فاقدة للأولويات" أثارت غضب المستشار البرلماني خالد السطي عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذي بادر إلى توجيه سؤال كتابي إلى وزير التربية الوطنية، محمد سعد برادة، يستفسره فيه عن خلفيات القرار، وأهداف الوزارة من وراء هذا التوجه غير المألوف، خاصة في ظل ما تعانيه المدرسة العمومية من اختلالات هيكلية، وتراجع واضح في مؤشرات التحصيل الدراسي.
وفي سؤاله، طالب السطي الوزير بتوضيح التصور الذي تعتمده الوزارة بشأن دور هذه الفنون في ترسيخ القيم وتقوية الكفايات الأساسية لدى التلاميذ، ومدى علاقتها بتحقيق الجودة المنشودة في التعليم، أو الحد من تفشي العنف والهدر المدرسي داخل الفضاءات التعليمية.
وتساءل البرلماني ذاته عن المعايير البيداغوجية والثقافية التي ارتكزت عليها الوزارة لاعتماد هذا النوع من الأنشطة الفنية المثيرة للجدل، في مقابل المطالبة بتحسين التكوين الموجه لأساتذة التربية البدنية، وتعزيز حضور الرياضات الأولمبية والتقليدية ذات الطابع التربوي، التي طالما شكلت دعامة أساسية في التنشئة السليمة داخل المؤسسات التعليمية.
في المقابل، تلتزم وزارة التربية الوطنية الصمت حيال الجدل المتصاعد، دون أي توضيحات أو توجيهات للرأي العام أو الأسرة التعليمية، ما يزيد من الغموض ويعمق فجوة الثقة بين الفاعلين التربويين وصناع القرار. وبين من يرى في هذه المبادرة تجديداً تربوياً قد يستهوي بعض الفئات الشبابية، ومن يعتبرها اختراقاً غير محسوب لقيم المدرسة المغربية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل نحن أمام انفتاح ثقافي مدروس، أم مجرد ارتجال بيداغوجي قد يعمّق أزمة التعليم أكثر مما يداويها؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك