أنتلجنسيا المغرب:حاوره فهـــد الباهـــي من إيطاليا
أجرينا حوارا مع "عادل تشيكيطو" رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، والبرلماني السابق عن دائرة تمارة، حيث اغتنمنا هذه الفرصة لمناقشته من كلتى الزاويتين، الحقوقية، والسياسية، حتى نطرح عليه أسئلة الشارع المغربي، أسئلة رواد مواقع التواصل الإجتماعي ، وعن كل ما يروج في الساحة السياسية، وعن الزهور التي تقدمها الحكومة للمواطن الذي كلما لمس واحدة منها مزقت الأشواك أنامله، وسالت دما بسبب الغلاء وإرتفاع الأسعار وعدم الإلتزام بالوعود .
في هذا الحوار، أكد "تشيكيطو" أن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تدعم الحركات الاحتجاجية، التي تلتزم بالسلمية وتستهدف الدفاع عن مكتسبات الطبقة العاملة، وقال "عادل" أن الصيغة الحالية لقانون الإضراب تمثل تراجعاً خطيراً عن المكتسبات التي ناضلت من أجلها الحركات الحقوقية منذ عقود .
واسترسل "عادل "تشيكيطو" قائلا: هذا القانون، من وجهة نظرنا يتضمن شروطاً إجرائية قاسية وقيوداً إدارية معقدة، تجعل من الإضراب أداة شبه مستحيلة التنفيذ، فالمواطن المغربي يحتاج إلى حلول عملية تعيد له ثقته في الدولة ومؤسساتها.
وهذا النص الكامل لحوارنا مع السياسي والحقوقي البارز، الأمين العام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان "عادل تشيكيطو" :
1 - هل تساند العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان الإضرابات الأخيرة ضد القانون التنظيمي للإضراب؟
الإضراب هو من أرقى أشكال التعبير السلمي عن المطالب الاجتماعية والمهنية، وقد أقرته المواثيق الدولية كحق أساسي يُمارس في إطار ديمقراطي لحماية حقوق العمال وكرامتهم.
ومن هذا المنطلق، فإن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تدعم الحركات الاحتجاجية التي تلتزم بالسلمية وتستهدف الدفاع عن مكتسبات الطبقة العاملة، زيادة على ذلك فموقفنا من الإضرابات الأخيرة لا يمكن أن يكون تأييداً مطلقاً أو معارضة مطلقة، بل هو موقف مبني على تقييم مدى ارتباط هذه الإضرابات بالمصلحة العامة ومدى مشروعيتها، خاصة وأننا نعيب على النقابات التي أعلنت عن الإضراب تراخيها في مواجهة مشروع قانون الإضراب، وسيرها نحو هذا الشكل الاحتجاجي بعد ان فات الأوان، وبعد ان ضاعت الفعالية المرجوة منه؛ فهل يعقل ان تنام قيادات النقابات إلى حين تمرير المشروع في المجلسين وان تتقاعس في الضغط على الحكومة، وتستند في هذا التكاسل على ادعاءات غير مقبولة؟! طبعا كنا سنقف الى جانبهم في هذا الإضراب، لو سعى هؤلاء الى إعلان الاضراب مباشرة بعدما لم ترضخ الحكومة لمطالبهم، لكنهم فضلوا السكوت والخروج الى المواجهة في مواقيت لا يفهمها لبيب ولا يعقلها متبصر وعارف بشؤون العمل النقابي.
لقد اكدنا في مناسبات متعددة ان القانون التنظيمي للإضراب، في صيغته الحالية، يمثل تراجعاً خطيراً عن المكتسبات التي ناضلت من أجلها الحركات الحقوقية منذ عقود، إنه محاولة لفرض قيود إدارية وقانونية على حق الإضراب، مما يجرده من جوهره كوسيلة ضغط مشروعة لتحقيق التوازن بين حقوق العمال وواجباتهم، ولذلك، ومن زاوية أخرى نرى في العصبة أن الإضرابات الأخيرة تأتي في سياق مقاومة مشروع قانون يُعد انتهاكاً لروح العدالة الاجتماعية؛ هذه المقاومة ليست مجرد رد فعل آني، بل هي دفاع عن حقوق الأجيال القادمة التي قد تجد نفسها محاصرة بقوانين تُكبّل حرياتها الأساسية.
2 - هل ترى جمعيتكم وأنتم رئيسها أن القانون التنظيمي للإضراب يتوافق مع الأعراف الدولية ومفاهيم حقوق الإنسان؟
القانون التنظيمي للإضراب، في جوهره، يجب أن يكون وسيلة لتفعيل حق الإضراب وضمان ممارسته في إطار يحقق التوازن بين حقوق العمال وحقوق أرباب العمل والمصلحة العامة.
غير أن النسخة الحالية من هذا القانون تحمل في طياتها تناقضات صارخة مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لا سيما الاتفاقيتين 87 و98 لمنظمة العمل الدولية، هاتان الاتفاقيتان تؤكدان على حرية التنظيم النقابي وحماية الحق في الإضراب كركيزتين أساسيتين لتحقيق العدالة الاجتماعية.
هذا القانون، في وجة نظرنا يتضمن شروطاً إجرائية قاسية وقيوداً إدارية معقدة، تجعل من الإضراب أداة شبه مستحيلة التنفيذ. إضافة إلى ذلك، فإن منح السلطات التنفيذية حق التدخل في تنظيم الإضراب يُعد إخلالاً بمبدأ استقلالية النقابات والعمال، وهو مبدأ أساسي في الديمقراطيات الحديثة. إننا في العصبة نرى أن أي قانون تنظيمي يجب أن يكون إطاراً لتعزيز ممارسة الحقوق، وليس وسيلة للحد منها أو تقييدها.
إن الحق في الإضراب ليس مجرد وسيلة لتحقيق مطالب مادية، بل هو تعبير عن رفض الظلم وتأكيد على كرامة الإنسان في مواجهة منظومات تستهدف تقليص حريته وبالتالي، فإن أي قانون يُصاغ بعيداً عن هذا البعد هو قانون يُكرس التفاوت والهيمنة.
3 - من وجهة نظركم هل تمكنت حكومة عزيز أخنوش من الوفاء بالتزاماتها مع المواطنين؟
الالتزام الحكومي هو تعاقد أخلاقي وقانوني مع المواطنين، تُقاس جديته بمدى تحقيق الوعود المعلنة وملامسة الواقع اليومي، فحكومة عزيز أخنوش، رغم خطابها المفعم بالآمال والطموحات، أخفقت في ترجمة شعاراتها إلى سياسات عملية ذات تأثير ملموس، كما أن التحديات التي تواجه المغاربة في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل، والقدرة الشرائية لم تجد حلولاً جذرية، بل على العكس، ازدادت تعقيدا، فالمواطنون لم تعد لهم القدرة الكافية اليوم على تغول السوق وجشع المضاربين والاحتكاريين والسماسرة… لم يعد المواطن المغربي حتى في الطبقة الوسطى على مواجهة تحديات العيش او مجابهة قلة اليد.
أضف الى كل هذا ان الحكومة الحالية سارت على منهج سابقتها في تشجيع التفاوت الطبقي والتسامح مع الفساد وتكريس اقتصاد الريع وتبنيها لمنطق تضارب مصالح عناصرها وعلى رأسهم رئيس الحكومة.
إننا نرى أن غياب الرؤية الاستراتيجية وافتقار السياسات الحكومية إلى التناسق بين القطاعات هو السبب الرئيسي وراء هذا الإخفاق. فالمواطن المغربي يحتاج إلى حلول عملية تعيد له ثقته في الدولة ومؤسساتها.
إن الوفاء بالالتزامات ليس مجرد مسألة تقنية، بل هو استجابة حقيقية للحق في العيش الكريم الذي يكفله الدستور والمواثيق الدولية.
4 - هل يعيش المغرب فعلاً ردة حقوقية خلال فترة حكومة أخنوش؟
المغرب يعيش مرحلة دقيقة في مساره الحقوقي، فقد شهدت السنوات الأخيرة تراجعات على مستويات متعددة، من تضييق على حرية التعبير إلى محاكمات الصحفيين والناشطين، وصولاً إلى ضعف التفاعل مع الحركات الاحتجاجية الاجتماعية. هذه المظاهر تعكس ردة حقوقية تُهدد المكتسبات التي حققتها البلاد بفضل جهود طويلة ومضنية للحركات الحقوقية والمدنية.
حكومة أخنوش تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، ليس فقط بسبب السياسات التي تتبناها، بل أيضاً بسبب غياب إرادة واضحة لتعزيز دولة القانون وضمان الحريات الأساسية، فالردة الحقوقية، في عهدها، ليست مجرد واقع سياسي، بل هي إشكالية فلسفية ترتبط بضعف الوعي بأهمية الحقوق كركيزة للتنمية المستدامة، وبأن الحقوق ليست ترفاً، بل هي أساسٌ لبناء مجتمع عادل ومتوازن.
5 - هل تمكنت الحكومة الحالية من ضمان الحقوق الاقتصادية في حدها الأدنى؟
الحقوق الاقتصادية هي العمود الفقري لأي مشروع تنموي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ومع الأسف، فإن الحكومة الحالية لم تتمكن من ضمان هذه الحقوق في حدها الأدنى، وهو ما يظهر جلياً في ارتفاع معدلات البطالة، وتدهور القدرة الشرائية، وضعف الخدمات الاجتماعية.
ان توفير الحقوق الاقتصادية يتطلب سياسات عادلة لإعادة توزيع الثروة، وتحفيز الاستثمار، ودعم الفئات الهشة، لكن الواقع يعكس غياب استراتيجيات حقيقية، ما يجعل المواطن المغربي يشعر بغياب الدولة في مواجهة الأزمات الاقتصادية.
6 - باعتباركم برلمانياً سابقاً ولكم دراية بالشأن السياسي، هل تتمكن الأغلبية الحكومية الحالية من تصدر انتخابات 2026 المقبلة؟
رغم أنني من الذين يواجهون هذا التسابق الانتخابي بين مكونات الأغلبية بكثير من السخرية والتذمر في نفس الآن، إلا أنني في نفس الوقت أحرص على التأكيد ان السياسة لا تُبنى على الشعارات، بل على النتائج الملموسة التي يلمسها المواطن في حياته اليومية، فإذا استمرت الأغلبية الحكومية الحالية في نفس النهج القائم على ضعف الأداء وتجاهل تطلعات الشعب، فإن تصدرها انتخابات 2026 سيكون أمراً صعباً.
الشعب المغربي يتمتع بوعي سياسي متزايد، ولن يتردد في محاسبة المسؤولين عن إخفاقاتهم. ومع ذلك، فإن المشهد السياسي في المغرب يخضع أيضاً لعوامل أخرى، من بينها التحالفات الحزبية والتغيرات الدولية والإقليمية، ومعه، إذا لم تعمل الأغلبية الحالية على تصحيح مسارها، فإنها قد تجد نفسها أمام واقع انتخابي لا يتوافق مع طموحاتها، كما وقع لحكومة شعد الدين العثماني وحزب العدالة والتنمية على وجه التحديد.
إن تعزيز الحقوق والحريات، وضمان العدالة الاجتماعية، وإعلاء قيم الديمقراطية، هي السبيل الوحيد لاستعادة ثقة المواطن في العمل السياسي، وإذا حاولت مكونات الأغلبية تحقيق مايمكن تحقيقه منها فأكيد سيكون لها موقع مهم ضمن نتائج الانتخابات المقبلة.
تعلقون على قانون الاضراب وانتم حتى لم تقرأوه. يا لسخرية القدر الذي جاء باشباه المثقفين واشباه الحقوقيين.
تعلقون على قانون الاضراب وانتم حتى لم تقرأوه. يا لسخرية القدر الذي جاء باشباه المثقفين واشباه الحقوقيين.