أنتلجنسيا المغرب
على أعتاب الانتخابات التشريعية المقبلة، يشهد المشهد السياسي المغربي تصعيداً خطيراً في التوترات داخل التحالف الحكومي. وبينما تزداد معاناة المغاربة تحت وطأة الغلاء الفاحش، تنشغل الأحزاب السياسية في صراعاتها الداخلية، مما يعكس حالة من الانفصال الواضح بين الطبقة الحاكمة واحتياجات المواطنين اليومية.
التحالف الحكومي الذي يجمع التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال، يدخل مرحلة دقيقة مع اقتراب موعد الانتخابات. فقد أظهرت التطورات الأخيرة أن مكوناته باتت تنظر إلى المستقبل من زاوية التنافس على المواقع الانتخابية، بدلًا من الحفاظ على التماسك الحكومي لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
الخلافات، التي كانت تُدار سابقاً خلف الأبواب المغلقة، أصبحت اليوم أكثر وضوحاً. تصريحات متبادلة وتراشق سياسي غير مباشر بين قادة الأحزاب تعكس انقسامات عميقة داخل التحالف، في وقت تتزايد فيه الضغوط الشعبية بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية.
من اللافت أن الصراع داخل التحالف لم يعد يقتصر على المناورات التقليدية، بل انتقل إلى ساحة الفضاء الرقمي. "الدباب الإلكتروني"، الذي أصبح أداة للتأثير السياسي، بات يستخدم بشكل واسع لتشويه سمعة الخصوم حتى داخل نفس التحالف.
حملات منظمة تُدار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تستهدف بعض القيادات داخل الحكومة، وتسعى لتقويض مصداقيتها، خاصة فيما يتعلق بالملفات الحساسة كدعم الفلاحين ومواجهة الغلاء.
في خضم هذا المشهد السياسي المأزوم، تظل جيوب المغاربة هي الخاسر الأكبر. أسعار الخضروات والفواكه، اللحوم، والدواجن، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، أصبحت تؤرق المواطنين بشكل يومي.
ورغم وعود الحكومة المتكررة بمعالجة الأزمة، إلا أن الواقع يكشف عن عجز واضح في وضع حلول ملموسة، ما أدى إلى تزايد الغضب الشعبي والتساؤل عن جدوى استمرار هذا التحالف.
مع اقتراب الانتخابات، تبدو المعارضة في حالة من الترقب والجاهزية. أحزاب مثل العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية تستغل حالة التصدع داخل التحالف لتوجيه ضربات سياسية قاسية، مطالبة ببدائل جذرية تعيد الثقة للمغاربة.
هل ستتمكن الأحزاب المكونة للتحالف من تجاوز خلافاتها وتقديم صورة موحدة؟ أم أن هذه الصراعات ستؤدي إلى تفكك التحالف وفتح المجال أمام سيناريوهات سياسية جديدة؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك