إمبراطورية القباج..كيف صنعت واحدة من أكبر الثروات في المغرب بعيدًا عن الأضواء؟

إمبراطورية القباج..كيف صنعت واحدة من أكبر الثروات في المغرب بعيدًا عن الأضواء؟
بانوراما / الأحد 07 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فتيحة الوديع

في بلد اعتاد أن تتمحور النقاشات حول ثروات ثلاثة أو أربعة أسماء فقط، تظهر قصة عائلة القباج كواحدة من أكثر الحكايات الاقتصادية التي لا تحظى بما يكفي من الضوء، رغم أن حجم ثروتها يوازي — بل يتجاوز — بعض الأسماء الأكثر حضورًا في المشهد العام.

البداية تعود إلى سنة 1972، حين أسس الأخوان امحمد وأحمد القباج مقاولة صغيرة للبناء، لم تكن في ذلك الوقت سوى مشروع متواضع بموارد محدودة، لكن برؤية طموحة. ومع توسّع مشاريع البنيات التحتية بالمغرب خلال عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وجدت الشركة نفسها أمام فرص كبرى، خاصة في مجال بناء السدود، لتبدأ معها مرحلة النمو المتواصل.

ومع اعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999، دخلت المقاولة منعطفًا جديدًا، إذ انفتحت أمامها مشاريع ضخمة في الطرق السيارة، القناطر، الموانئ، ملاعب كرة القدم، والمنشآت الصناعية التابعة لمؤسسات عمومية واستراتيجية. هكذا تحولت الشركة تدريجيًا إلى عملاق فعلي يحمل اسم SGTM، ويشغّل اليوم حوالي 20 ألف عامل.

بعد وفاة أحمد القباج سنة 2019، انتقل نصيبه إلى ورثته، فيما حافظ الأخ الأكبر امحمد على حصته، ليستمر التسيير بشكل متناغم بين الطرفين، وهو عامل يُجمع المطلعون على كونه أحد أسرار صمود هذه الإمبراطورية واستمرار قوتها.

التقديرات المالية الحديثة تُقيم قيمة الشركة بحوالي 2500 مليار سنتيم، أي ما يعادل تقريبًا 300 مليار درهم، وهو رقم يضع ثروة عائلة القباج في مستوى يعادل—وربما يتجاوز—ثروات أسماء لطالما تصدرت المشهد العام، وفي مقدمتها عزيز أخنوش.

وتستعد العائلة لفتح رأس مال الشركة أمام البورصة بطرح 20٪ من أسهم SGTM، بقيمة إجمالية تناهز 504 مليارات سنتيم. وسيذهب نصف هذا المبلغ إلى امحمد القباج، بينما ينال ورثة الشقيق الراحل النصف الآخر. مع الإشارة إلى أن هذا البيع لا يمثل سوى جزء محدود من الثروة الكلية للعائلة، التي تشمل أيضًا عقارات وسيولة واستثمارات أخرى.

قصة القباج، رغم ضخامتها، لا تزال بعيدة عن دائرة الاهتمام الإعلامي. والسبب، كما يبدو، هو أن العائلة ظلت دائمًا بعيدة عن السياسة والأضواء، مكتفية بالعمل والمراكمة الهادئة للثروة عبر أكثر من نصف قرن. لكن هذا الغياب لا يجب أن ينعكس على الإعلام ذاته، الذي غالبًا ما يختزل مشهد الثراء المغربي في أسماء معدودة، متجاهلًا تجارب أخرى تحمل الكثير من الدروس.

إن عرض مثل هذه القصص ليس لتلميع صورة أحد، ولا لإطلاق أحكام مسبقة، بل لفهم آليات تشكّل الثروة في المغرب، والكشف عن الجوانب الملهمة في مسارات بنائية طويلة نجحت في أن تتقاطع مع ورش تنموي وطني كبير، وأن تتحول إلى واحدة من أكبر الإمبراطوريات الاقتصادية في البلاد.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك