زلزال قضائي يهز بني ملال: سقوط شدا يفضح مافيا العقار والصفقات المشبوهة

زلزال قضائي يهز بني ملال: سقوط شدا يفضح مافيا العقار والصفقات المشبوهة
بانوراما / الأربعاء 21 مايو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي/م.كندا

في خطوة مدوية تعكس تحولا في تعاطي القضاء مع ملفات الفساد الكبرى، أصدر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارًا يقضي بإيداع "أحمد شدا"، البرلماني السابق والرئيس الأسبق لجماعة بني ملال، رهن الاعتقال الاحتياطي، عقب مثوله أمام الوكيل العام للملك، في سياق تحقيقات مثيرة تتعلق بتفويتات عقارية وصرف صفقات عمومية وصفت بـ"الفضائحية"، سواء من حيث حجم الأموال المهدورة أو من حيث شبكة المصالح التي ظلت لعقود فوق الشبهات.

التحقيق الذي باشرته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ شهور، أسفر عن سقوط أسماء وازنة، كان أبرزها مقاول شهير بلقب "بيكترا"، الذي جرى اعتقاله وعرضه على أنظار النيابة العامة، حيث تمت مواجهته مباشرة بشدا في لحظة قضائية مشحونة اعتبرها متتبعون بمثابة النقطة المفصلية التي عمّقت مسار الانهيار لواحدة من أعتى شبكات التحكم في الصفقات والتفويتات ببني ملال.

شدا، الذي راكم سنوات من الحصانة البرلمانية والسياسية، وتقلد رئاسة لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، يواجه اليوم ملفًا ثقيلًا يتضمن تهمًا ذات صبغة جنائية، على رأسها تبديد المال العام، واستغلال النفوذ، وإسناد صفقات لمقاولات محددة في خرق صارخ لمبادئ التنافسية والشفافية، ما يضع المنظومة الرقابية المحلية موضع مساءلة عميقة، ويطرح بإلحاح سؤال: كيف ظل هذا العبث محصنًا لسنوات؟

قائمة المتابعين في هذا الملف آخذة في الاتساع، إذ طالت التحقيقات صاحب شركة نظافة ومهندسًا معماريًا، فيما تم تمتيع آخرين بالسراح المؤقت مقابل كفالات مالية ثقيلة، على رأسهم أحمد بدرة، الرئيس الحالي لجماعة بني ملال، الذي أطلق سراحه مقابل خمسين مليون سنتيم، في وقت يظل فيه استدعاؤهم قائمًا بناء على تطورات التحقيق وتعقيد تشعباته.

القضية الراهنة تحيي في الأذهان ملف الوزير السابق محمد مبديع، الذي ما يزال قابعًا خلف القضبان في إطار ملاحقات قضائية مشابهة، ما يؤكد أن زمن الإفلات من العقاب يشارف نهايته، وأن القضاء المغربي دخل مرحلة جديدة من الحسم مع رموز الفساد الذين حولوا الجماعات إلى إقطاعيات خاصة، خارج سلطة الرقابة والمحاسبة.

ما يعيشه أحمد شدا حاليًا ليس سوى ارتداد حتمي لمنظومة اختارت استنزاف المال العام عبر تحالفات مبنية على المصالح الشخصية، وقد تم تجريده من صفته البرلمانية بقرار من المحكمة الدستورية بعد عزله من رئاسة الجماعة، وهو اليوم في قلب زوبعة قضائية قد تسقط رؤوسًا أخرى كانت بالأمس القريب تُعد من "مقدسات" المشهد السياسي المحلي.

الملف القضائي الذي أعيد فتحه بعزم قوي، يشكل لحظة فاصلة في تاريخ الرقابة على تدبير الشأن العام، ويجسد تحركًا غير مسبوق نحو تفكيك بنية فساد عميقة تعود جذورها لعقود. الرأي العام، بدوره، يترقب نهاية هذه المعركة القضائية، التي قد تسجل في الذاكرة السياسية المغربية كلحظة مفصلية لميلاد عهد جديد من المحاسبة الحقيقية.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك