سجّل يا تاريخ "عبد العزيز أخنوش" يحرم المغاربة من عيد الأضحى سنة 2025

سجّل يا تاريخ "عبد العزيز أخنوش" يحرم المغاربة من عيد الأضحى سنة 2025
مقالات رأي / الخميس 05 يونيو 2025 - 09:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

لم يعد الحديث عن "المخطط الأخضر" مجرد جدال حول جدوى مشروع تنموي، بل تحول إلى شهادة موثقة عن سياسات فتّاكة أجهزت على أعمدة الأمن الغذائي الوطني المغربي، "عبد العزيز أخنوش"، الذي تقلد حقيبة الفلاحة لأزيد من عقد، لم يترك خلفه إلا جراحًا مفتوحة وحقولًا يابسة وقطيعًا منهكًا، فكيف يمكن لبلد فلاحي بامتياز، وذو واجهتين بحريتين، أن يصل به الحال إلى إلغاء شعيرة عيد الأضحى سنة 2025؟ .

الجواب واضح ومباشر، السياسات الفاشلة لرجل الأعمال الذي قرر أن يحكم، فخان الأرض ومن عليها، بكل ثقة وجدية.

حين تم الترويج لمخطط "المغرب الأخضر" سنة 2008، قيل إنه الحل السحري لتحديث الفلاحة المغربية، لكن الحقيقة أن هذا المشروع كان قنبلة موقوتة زرعت في قلب القطاع الفلاحي، بُنيت على التصدير لا على الاكتفاء الذاتي،"البراني عطيه تمر ولاد البلاد ضربو بالحجر"، وعلى تحويل الثروات الطبيعية إلى أرقام في حسابات رجال الأعمال، بدل أن تكون سُقيا لحقول صغار الفلاحين.

كانت سياسة تهريب المياه مقنّعة باسم التصدير، وجعلوا من "الأفوكادو" ملكة المزرعة، وهي التي تستهلك من المياه ما لا تتحمله حتى المناطق المطيرة، أي حمق بعد هذا.

كل من راقب صعود أسعار الخضر في الأسواق الشعبية، وتقلّص القطيع الحيواني سنة بعد أخرى، يعلم أن الكارثة لم تكن فجائية، بل مبرمجة، حيث كيلو الطماطم وصل في بعض المناطق إلى 15 و 20 درهمًا، والبطاطس صارت نادرة، بينما الحكومة تُمنّي الفلاحين الصغار بوعود التنمية، كانت أراضيهم السلالية تُباع للخواص، وتُستغل لصالح كبار المستثمرين، هكذا أفرغت القرى من سكانها، ودُفنت الفلاحة التقليدية التي كانت تحفظ التوازن البيئي والاجتماعي، يوما بعد يوم.

لم يكن الهدف من السياسة الفلاحية توفير غذاء المغاربة، بل كان تحويل الفلاحة إلى بورصة للتصدير نحو الخارج، حتى لو كان ذلك على حساب سدودنا، ومواردنا المائية، وعلى حساب قطعان الأغنام التي ماتت من الجوع والظمأ في البوادي، لم يكن هناك تفكير في الأمن الغذائي، بل في الأرباح التي تحققت على ظهر الفلاح الصغير الذي يعيش على حافة الفقر، بينما يُمنح الدعم لأباطرة الفلاحة الذين يشترون الخزانات المائية لصالح ضيعاتهم الخاصة.

صارت الأضحية، رمز التضامن والعيد، مرادفًا للعجز والخيبة. المواطن المغربي، الذي كان يقترض كل سنة ليشتري الأضحية، وجد نفسه سنة 2025 في حيرة: الأغنام قليلة، الأسعار خيالية، والقطيع الوطني مهدد بالانقراض. ولولا تدخل الملك بإلغاء الشعيرة حفاظًا على ما تبقى من الثروة الحيوانية، لكان العيد هذا العام مناسبة للبكاء، لا للفرح، المفارقة المروعة أن رئيس الحكومة الحالي هو ذاته من هندس لهذه الكارثة حين كان وزيرًا للفلاحة.

ما الذي تغير؟

نفس الرجل، نفس العقلية، نفس الأشخاص، نفس المصالح، لكن ما تغيّر هو أن الأزمة لم تعد تحت السيطرة، الشعب أصبح يرى بوضوح من خان الأرض ومن خذل الفلاح الصغري، ومن خان السلالي، ومن باع مياهنا في خضراوات إلى أوروبا، وترك الشعب يعاني من العطش.

صفقات الصيد في أعالي البحار، والاحتكار الذي يمارسه بعض المقربين، يطرح علامات استفهام كبيرة، هل يُعقل أن لا يستطيع المغرب، بكل هذا الغنى البحري، أن يطوّر نظامًا لتوفير البروتين الحيواني من السمك للفقراء؟

حتى البحر تم احتكاره، وأصبح من الصعب على المواطن العادي أن يذوق "سردينة" بثمن معقول، بينما تُصدر الأنواع الرفيعة إلى الخارج "بنادم ولا مشهي بونيطة".

كان الأولى بدل زرع حقول "الأفوكادو" أن نستثمر في الزيتون، التين، الجوز، والنخيل، الفستق، الفلفل السوداني...فهذه المحاصيل لا تستهلك المياه بإفراط، وتُدر دخلاً محترمًا على الفلاح، لكن القرار لم يكن مبنيًا على حاجات الشعب، بل على طلبات الأسواق الخارجية، فهل الفلاحة لخدمة المغاربة، أم لخدمة شركات التصدير؟

سؤال نعرف جوابه منذ زمن بعيد مع الأسف.

إننا أمام رجل لم ينجح لا في الفلاحة ولا في السياسة، بل راكم الغضب الشعبي، وكرّس اقتصاد الريع، وفتح الأبواب أمام الهجرة الجماعية نحو المجهول، شباب المغرب اليوم يركب أمواج الموت، يهرب عبر الحافلات والشاحنات، لأنه لم يعد يؤمن بأن هذا الوطن يمكن أن يحتضن أحلامه.

من المسؤول؟

من أفرغ البادية؟

من قتل الأمل في نفوس المغاربة؟

من حوّل العيد إلى كابوس؟

لم يبق شيء لم يطله الفساد، الصحة و التعليم، الأراضي، الماء، القطيع، وحتى التشريعات التي يُفترض بها أن تحمي المستضعفين، القوانين تُصاغ لحماية النافذين، والتقارير تُحجَب، والمحاسبة غائبة، في ظل هذه الفوضى المقنّنة، صار الحديث عن العيد ترفًا، والحلم بقطيع صحي كالحلم بسراب في صحراء قاحلة.

إنك "أخنوش" لم تحرم المغاربة فقط من الأضحية، بل حرمتهم من الثقة في السياسات العمومية، سلبت منهم الشعور بالأمان الغذائي، وضرب القطاع الذي كان يُفترض أن يكون ركيزة التنمية في بلد فلاحي بإمتياز، كانت الفلاحة أمل الفقراء، فصارت مقبرة طموحاتهم.

وهكذا يُكتب التاريخ، لا بأقلام السياسيين، بل بأحزان الشعوب، أنه سنة 2025، سجّلت نفسها في ذاكرة المغاربة، لا كعام الجفاف أوسنين الفقر فقط، بل كعام الغضب، والخذلان، والانكسار، أما اسم "أخنوش"، فقد حُفر في ذاكرتهم كرمز لسياسات أوصلت البلاد إلى حد لا يطاق، وفي جميع المناجي الإجتماعية والسياسية والإقتصادية.

سيدي رئيس الحكومة المحترم، إن الوطن ليس شركة، والفقراء ليسوا زبائن عندكم، الوطن مسؤولية، ومصير أمة، وأنت فشلت في هذا الامتحان فشلا ذريعا، نعم، سجل يا تاريخ، في عهد أخنوش، حُرم المغاربة من عيد الأضحى 2025 بسبب نهج سياسة فاشلة.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك