بمكافآة 10 ملايين دولار..واشنطن تُطارد شابة إيرانية أشعلت جبهة الحرب السيبرانية

بمكافآة 10 ملايين دولار..واشنطن تُطارد شابة إيرانية أشعلت جبهة الحرب السيبرانية
دولية / الجمعة 12 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي

لم تعد المطاردات الأمريكية مرتبطة بزعيم ميليشيا يحمل رشاشاً في الكهوف، ولا بعميل مزدوج هارب عبر حدود وعرة.

هذه المرة، “الرأس المطلوب” هو شابة إيرانية تحمل شهادة هندسة، وتشتغل بصمت خلف شاشة حاسوب. ومع ذلك، دفعت الولايات المتحدة ملايينها العشرة إلى الطاولة، وأطلقت صفارة الإنذار، والمطلوبة اسمها فاطمة صديقيان كاشي.

فقبل أيام فقط، أعلنت واشنطن عبر برنامج “مكافآت من أجل العدالة” عن أكبر جائزة مالية تُرصد ضد شخص غير عسكري أو زعيم تنظيمي.

شابة في العشرينات أو بداية الثلاثينات، خريجة جامعة طهران في تقنية المعلومات، تحولت في الرواية الأمريكية إلى “العقل المدبر” لشبكة تخترق أهم الأعصاب الحيوية للدولة الأكثر قوة في العالم.

إنها ليست هاوية تبحث عن مغامرة، بل مهندسة مدرّبة تعرف جيداً طبيعة النظام الذي تتعامل معه، وتدرك بدقة أين تضغط ليختلّ توازنه.

الاتهامات الأمريكية ليست بسيطة ولا عادلة في حجمها مع سيرة شابة في مقتبل العمر، اختراق شركات الطاقة والمياه والنقل، العبث بالبنية التحتية الرقمية، استهداف المؤسسات المالية، ومحاولة التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020.

وفي لغة الأمن القومي الأمريكي، هذا ليس “اختراقاً”، بل اعتداء سيادي مباشر، لذلك لم تتردد واشنطن في تحويل فاطمة وزميلها محمد باقر شيرين كار إلى أهداف عالية القيمة.

لكن جوهر القصة ليس في الهجمات نفسها، بل في المنظومة التي تُتهم فاطمة بالعمل داخلها، وهي مجموعة “الشهيد شوشتري” التابعة للحرس الثوري الإيراني حسب الرواية الأمريكية، وهي وحدة سيبرانية تعمل بخبرة وتخفي، تتحرك خلف عشرات الواجهات من شركات وهمية مثل “آريا سبيهر” و"إيليانت"، وتصنع طبقات معقدة من الإخفاء تجعل تحديد مصدر الهجمات أشبه بمطاردة الظلال.

فالولايات المتحدة، بكل أجهزتها وميزانياتها والمراقبة الرقمية التي تغطي نصف الكوكب، اضطرت إلى استخدام المال بدل المعلومة: 10 ملايين دولار لمن يدلّ على أثر واحد يقود إلى فاطمة.

هذه المطاردة تكشف شيئاً أكبر بكثير من اسم مطلوب أو مكافأة مالية ضخمة، إنها لحظة اعتراف عالمي بأن ساحات الصراع تغيّرت بالكامل.

فالحرب لم تعد تحتاج لجبهات ولا دبابات؛ يكفي مهندس واحد، حاسوب محمول، وخط إنترنت محمي، ليصبح قادراً على إرباك ميزانية دولة، أو تعطيل شبكة ماء في مدينة، أو حتى التأثير على مسار انتخابات رئاسية.

فاطمة، سواء كانت بطلة قومية كما تراها طهران، أو متهمة خطيرة كما تصفها واشنطن، أصبحت رمزاً لمرحلة جديدة، عصر يصبح فيه الكود أخطر من الصاروخ، والخوارزمية أثمن من الجاسوس، والمبرمج الواحد قادراً على تحريك ميزان القوة بين دولتين.

ورغم الملايين المرصودة، تبقى الحقيقة الأكثر إزعاجاً لواشنطن، هي أن الشابة الإيرانية التي تبحث عنها ربما ما تزال تجلس الآن أمام شاشة مضاءة في زاوية مكتب صغير في طهران، تكتب سطراً جديداً قد يكلف العالم أكثر من عشرة ملايين دولار.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك