أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
انطلقت يوم الاثنين بمدينة بيليم
البرازيلية، وسط غابات الأمازون المترامية الأطراف، أشغال الدورة الثلاثين لمؤتمر
الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية “كوب 30”، في
حدث يوصف بالتاريخي لما يحمله من رمزية بيئية عميقة، إذ تنعقد القمة الأممية لأول
مرة في قلب الرئة الخضراء للكوكب، التي تواجه اليوم ضغوطًا غير مسبوقة من التدهور
البيئي وحرائق الغابات والتغيرات المناخية المتسارعة.
ويشارك المغرب في هذا الحدث الدولي
البارز بوفد رسمي تترأسه وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، التي
تمثل المملكة في المفاوضات المناخية رفيعة المستوى، وتعمل على إبراز التجربة
المغربية الرائدة في الطاقات المتجددة والتنمية النظيفة، باعتبارها نموذجًا قاريا
في تنفيذ اتفاق باريس والتزاماته بخفض الانبعاثات وتحقيق العدالة المناخية.
وتشهد بيليم، عاصمة ولاية بارا
البرازيلية، حركية استثنائية مع استقبال أكثر من خمسين ألف مشارك من 194 دولة
إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، من بينهم مفاوضون وعلماء ووزراء ومنظمات مدنية، جاؤوا
من مختلف القارات بحثًا عن حلول واقعية لأزمة المناخ التي باتت تهدد الأمن
الإنساني والاقتصادي على مستوى العالم.
ويحمل المؤتمر في طياته طموحات كبيرة
لتحقيق نقلة نوعية في السياسات المناخية، حيث تسعى الرئاسة البرازيلية إلى تقريب
العمل البيئي من حياة الناس اليومية، وتعزيز التعددية في اتخاذ القرار المناخي،
وتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق باريس، خصوصًا في ما يتعلق بتمويل الانتقال الطاقي في
الدول النامية ودعمها لمواجهة آثار الاحترار العالمي.
اختيار مدينة بيليم لاحتضان “كوب 30”
لم يكن محض صدفة، بل رسالة سياسية وبيئية واضحة تعكس إدراك المجتمع الدولي للأهمية
الاستراتيجية لغابات الأمازون في توازن المناخ العالمي، إذ تعتبر هذه الغابة
العملاقة مخزنًا هائلًا للكربون وأحد أهم عناصر استقرار النظام البيئي للكوكب.
وقد برمج المنظمون أزيد من مئتين وستة
وثمانين حدثًا متوازيًا داخل المنطقتين الزرقاء والخضراء، موزعة على أربع قاعات
كبرى ستحتضن وفودًا من مختلف أنحاء العالم لعقد حوارات عميقة حول خفض الانبعاثات،
التحول الطاقي، والتكيف مع آثار التغيرات المناخية التي لم تعد مجرد تهديد مستقبلي
بل واقعًا يوميًا يعيشه الملايين.
المفاوضات المنتظرة خلال المؤتمر
ستتركز أساسًا على مراجعة المساهمات المحددة وطنيًا، وهي التعهدات الطوعية بخفض
انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إضافة إلى مناقشة آليات التمويل
الأخضر وتعبئة الموارد المالية للدول النامية حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها
البيئية دون الإضرار بنموها الاقتصادي والاجتماعي.
ولقد سبق انطلاق هذه القمة الأممية
عقد قمة القادة حول المناخ يومي السادس والسابع من نونبر الجاري، التي جمعت رؤساء
دول وحكومات ووزراء من 153 وفدًا، من ضمنهم المغرب، الذي شارك بفاعلية من خلال
الوزيرة ليلى بنعلي وسفير المملكة بالبرازيل نبيل الدغوغي، حيث جددت المملكة
التزامها الراسخ بدعم الانتقال الطاقي العالمي، والدفاع عن حق إفريقيا في التنمية
المستدامة، في وقت باتت فيه المعركة المناخية معركة من أجل البقاء الإنساني على
كوكب يزداد سخونة يومًا بعد يوم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك