أنتلجنسيا المغرب:الرباط
تشهد العلاقات المغربية الألمانية تطورًا لافتًا خلال الأشهر الأخيرة، مع تواتر مؤشرات رسمية وإعلامية حول انخراط برلين في دعم مشاريع استراتيجية مغربية تشمل قطاعات الطاقة، النقل، الصناعة، والبنية التحتية البحرية. وتؤكد مصادر مطلعة أن الحكومة الألمانية تُبدي اهتمامًا متزايدًا بالمشاركة في خطة مغربية طموحة ترمي إلى إعادة إحياء قطاع بناء السفن وتوسيع القدرات الوطنية في مجالي إنتاج وتخزين الكهرباء. وضمن ما بات يُوصف إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، يجري الحديث عن مشاريع لإنشاء محطات كهربائية تشتغل بالغاز، ومد خطوط أنابيب، فضلاً عن إقامة محطات للغاز الطبيعي المسال في مواقع حيوية بالمملكة.
وتأتي هذه الدينامية الاستثمارية في سياق بحث المغرب عن شركاء صناعيين قادرين على مده بالتكنولوجيا والخبرة، خاصة في القطاعات التي تضعها المملكة ضمن أولوياتها الاستراتيجية، على غرار الصناعة البحرية والطاقة المستدامة. وتفيد بيانات المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء بأن المغرب وجه خلال الأشهر الماضية إشارات واضحة للمستثمرين الألمان، مع فتح قنوات مباشرة بين فاعلين صناعيين مغاربة ومؤسسات ألمانية متخصصة. الهدف هو تحويل المغرب إلى مركز إقليمي لبناء وصيانة السفن، مستفيدًا من موقعه الجغرافي وموانئه الحديثة مثل طنجة المتوسط، إلى جانب مشاريع واعدة كميناء الداخلة الأطلسي.
ويؤكد المحلل الاقتصادي إدريس العيساوي أن هذا التوجه يمثل رهانًا استراتيجيًا ينسجم مع رؤية المغرب لتقوية سيادته الطاقية وتعزيز دوره الإقليمي، لا سيما في ظل الاستحقاقات الكبرى المرتقبة مثل تنظيم كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030. وبالنسبة للعيساوي، فإن المغرب لا يفتقر إلى التقاليد البحرية ولا إلى الكفاءات البشرية، مذكرًا بتجارب ناجحة في صناعات معقدة كصناعة السيارات والطيران. ويرى أن التعاون مع ألمانيا، على غرار ما تحقق في قطاع السيارات، يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للصناعة البحرية الوطنية، عبر نقل التكنولوجيا وتكوين جيل جديد من المهندسين والتقنيين المغاربة.
ويُجمع مراقبون على أن المغرب بات في لحظة مفصلية، حيث تلاقي الطموحات الاقتصادية إرادة سياسية واضحة وشراكات دولية واعدة. وفي حال تحقق الدعم الألماني المأمول، فقد يكون لهذا التحول أثر بالغ على مستقبل الصناعة المغربية، خاصة في ظل السياق العالمي المتقلب الذي يفرض على الدول البحث عن استقلالها الطاقي وتعزيز قدراتها الصناعية الوطنية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك