المغاربة يُحرّرون أموالهم من أجل استهلاك غير مسبوق قبيل رمضان بعد دعوة الملك للتخلي عن أضحية العيد!

المغاربة يُحرّرون أموالهم من أجل استهلاك غير مسبوق قبيل رمضان بعد دعوة الملك للتخلي عن أضحية العيد!
اقتصاد / السبت 01 مارس 2025 - 14:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير

في سابقة اقتصادية واجتماعية لافتة، تعيش الأسواق المغربية على وقع انتعاش استثنائي في الأيام التي تسبق شهر رمضان، حيث شهدت الحركة التجارية دينامية غير معهودة، دفعت بالمواطنين إلى الإنفاق بسخاء على المواد الغذائية ومستلزمات الشهر الكريم. ويعود هذا الانتعاش إلى عوامل متعددة، لعل أبرزها القرار الجريء الذي دعا إليه العاهل المغربي الملك محمد السادس، والمتعلق بالتخلي عن شريعة ذبح أضحية العيد، ما فسح المجال أمام المغاربة لتغيير أولوياتهم الاستهلاكية وتوجيه ميزانياتهم نحو متطلبات أكثر إلحاحًا، خاصة في ظل السياق الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.

تشير التقارير الميدانية إلى أن الأسواق الكبرى والمتوسطة، وكذا المحلات التجارية التقليدية، تعرف تدفقًا كبيرًا للمستهلكين الذين باتوا أكثر ارتياحًا في الإنفاق مقارنة بالسنوات السابقة، حيث لم تعد هناك ضرورة لتخصيص جزء كبير من المدخول السنوي لاقتناء الأضحية. هذا المعطى أتاح للمواطنين إعادة توزيع مواردهم المالية بشكل أكثر مرونة، ما ساهم في انتعاش قطاعات عدة، بدءًا من تجارة المواد الغذائية، مرورًا بقطاع الملابس، وصولًا إلى الأجهزة المنزلية والإلكترونية التي عرفت أيضًا إقبالًا غير متوقع.

التجار الذين كانوا يتخوفون من موسم ركود جديد، وجدوا أنفسهم أمام موجة طلب مرتفع، جعلتهم يعيدون النظر في توقعاتهم المتشائمة بخصوص القدرة الشرائية للمغاربة. فبعدما كان التخوف من تأثير التضخم وارتفاع الأسعار على سلوك المستهلكين، جاءت المفاجأة مع تحول واضح في أنماط الإنفاق، إذ باتت الأسر توجه ميزانياتها نحو مستلزمات الشهر الكريم دون هاجس الادخار لشراء الأضحية، ما زاد من سرعة دوران عجلة الاقتصاد الداخلي.

اللافت في هذا المشهد الجديد هو أن الأسر المغربية، التي كانت في السنوات الأخيرة ترزح تحت وطأة الغلاء والتقشف القسري، باتت تُقبل على شراء السلع الرمضانية براحة نسبية، رغم استمرار ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية. ورغم أن هذا الارتفاع ظل مصدر قلق بالنسبة للكثيرين، إلا أن غياب الالتزام المالي المرتبط بأضحية العيد جعل ميزانية العديد من الأسر تتنفس الصعداء، وهو ما انعكس إيجابًا على حركة البيع والشراء في مختلف القطاعات.

التغيير الحاصل في أولويات الاستهلاك لم يقتصر فقط على المواد الغذائية، بل امتد ليشمل مجالات أخرى مثل قطاع الحلويات والتمور، الذي يعرف رواجًا كبيرًا هذه الأيام، بالإضافة إلى ارتفاع الإقبال على المنتجات المجمدة، نظرًا لكون العديد من الأسر بدأت استعداداتها الرمضانية مبكرًا هذا العام، مستفيدة من توفر سيولة مالية كانت في السابق محجوزة للأضحية.

اقتصاديًا، يرى محللون أن هذا التحول يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على المدى القصير، إذ يساهم في تحريك الدورة الاقتصادية الداخلية، ويحفّز التجار على زيادة العروض الترويجية، ما قد ينعكس إيجابًا على الأسعار في المستقبل القريب. كما أن هذا الوضع الجديد يمكن أن يساعد على تقليص مديونية الأسر، التي كانت تلجأ سابقًا للاقتراض من أجل اقتناء الأضحية، وهو ما كان يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على الطبقات المتوسطة والهشة.

إلا أن بعض الأصوات ترى أن هذا الإنفاق الكبير قد يكون ظرفيًا فقط، مرتبطًا بشهر رمضان، ما يعني أن السوق قد يعاني من تباطؤ اقتصادي بمجرد انتهاء هذه الفترة، خاصة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لضبط الأسعار وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين على المدى الطويل. ورغم هذه التحذيرات، فإن المشهد العام يعكس تفاؤلًا حذرًا بإمكانية تحسن الوضع الاقتصادي ولو جزئيًا، نتيجة تغيير أنماط الإنفاق والتوجه نحو استهلاك أكثر تنوعًا.

في النهاية، يبدو أن دعوة الملك محمد السادس للتخلي عن شريعة ذبح أضحية العيد لم تكن مجرد توجيه ديني، بل أفرزت ديناميكية اقتصادية جديدة، سمحت للمغاربة بإعادة النظر في أولوياتهم الاستهلاكية، واستثمار أموالهم في حاجيات أكثر إلحاحًا، ما أدى إلى انتعاش ملحوظ في الأسواق قبل رمضان. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل سيستمر هذا الزخم الاقتصادي بعد انتهاء الشهر الفضيل، أم أن الأمر مجرد فورة ظرفية سرعان ما ستتلاشى مع مرور الوقت؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك