ملف "بيغاسوس" ينفجر من جديد والاستخبارات المغربية تحت مجهر أوروبا

ملف "بيغاسوس" ينفجر من جديد والاستخبارات المغربية تحت مجهر أوروبا
ديكريبتاج / الأربعاء 31 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا:ياسر اروين

عاد ملف التجسس عبر برنامج “بيغاسوس” ليطفو بقوة على السطح مرة أخرى، واضعاً أجهزة الاستخبارات المغربية في قلب عاصفة قضائية أوروبية جديدة، بعد أن قررت المحكمة الوطنية الإسبانية رفع مستوى المواجهة وطلب تدخل مباشر من الاتحاد الأوروبي، في خطوة غير مسبوقة تهدد بإعادة خلط أوراق دبلوماسية حساسة بين مدريد وباريس والرباط.

إسبانيا تضيق الخناق وتلجأ إلى أوروبا

في ظل ما وصفه قضاة إسبان بجدار الصمت القادم من باريس وتل أبيب، فعّل القاضي خوسيه لويس كالاما آلية اللجوء إلى “يوروغاست” (Eurojust)، وكالة التعاون القضائي الأوروبية، بهدف فرض الوصول إلى الأدلة التقنية التي تحتفظ بها السلطات الفرنسية، والتي يُعتقد أنها توثق تورط أجهزة مغربية في عمليات تجسس استهدفت مسؤولين إسباناً وفرنسيين.

تعاون قضائي معطل

أكدت مصادر قانونية إسبانية، أن هذا التصعيد جاء بعد فشل كل محاولات التعاون الثنائي، إذ لم تتلق المحكمة الإسبانية أي رد من باريس منذ ثمانية أشهر، رغم طلبات رسمية تتعلق بمعطيات تقنية وفنية مرتبطة ببرنامج التجسس الذي طورته شركة NSO الإسرائيلية، التي تجاهلت بدورها أربع استدعاءات قضائية منذ سنة 2022.

بيانات بلا نتائج وأدلة غائبة

في فبراير 2025، خلص تحقيق أوروبي جديد إلى أن المعلومات المتبادلة لم تسفر عن أي معطيات حاسمة، تسمح بتحديد المسؤولين عن اختراق هواتف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز وعدد من وزرائه، ما دفع القاضي كالاما إلى اعتبار تدخل الاتحاد الأوروبي “ضرورة قضائية” لكسر حالة الجمود.

البصمة الرقمية التي تقود إلى مشغل واحد

جاء التحول الأبرز في الملف، من اكتشاف تقني أنجزه المركز الوطني للتشفير في إسبانيا، كشف عن بنية معلوماتية واحدة استُعملت في استهداف شخصيات إسبانية وفرنسية.

فالعنصر المفصلي في هذا الاكتشاف، هو عنوان بريد إلكتروني واحد، استُخدم في عمليات الاختراق في البلدين، ما يعزز فرضية وجود جهة مشغلة موحدة تقف وراء هذه العمليات.

تزامن مريب مع أزمة سبتة

أظهرت المعطيات التقنية أيضاً، أن موجات تسريب المعطيات من الهواتف الإسبانية، تزامنت زمنياً مع أزمة الهجرة في سبتة خلال ماي 2021، وهي مرحلة شهدت توتراً غير مسبوق في العلاقات بين مدريد والرباط، ما يضفي بعداً سياسياً ثقيلاً على مسار التحقيق.

مدريد في موقف حرج

هذا التطور يضع حكومة بيدرو سانشيز أمام معادلة صعبة، إذ إن أي إثبات قضائي لمسؤولية مغربية مباشرة قد ينسف مسار التقارب السياسي، الذي راهنت عليه إسبانيا في علاقتها مع الرباط، ويعيد العلاقات الثنائية إلى مربع الشك والتوتر.

فرنسا بين الصمت واليقين

في المقابل، تبدو باريس مترددة، فبينما وصف مسؤولون إسبان في وقت سابق فرضية “الخيط المغربي” بنظرية مؤامرة، كشفت إذاعة “فرانس أنفو” أن السلطات الفرنسية متيقنة منذ سنوات من تورط المغرب في ملف بيغاسوس، دون أن يترجم ذلك إلى اتهامات رسمية، في ما تعتبره منظمات حقوقية “دفناً سياسياً” للتحقيق.

تكريم مثير وأسئلة محرجة

يزيد من تعقيد المشهد، إقدام وزير الداخلية الفرنسي على تكريم عبد اللطيف الحموشي، رئيس جهاز الاستخبارات المغربي، في وقت تتصاعد فيه الشبهات حول إشرافه على عمليات تجسس واسعة، ما يطرح تساؤلات حادة حول ازدواجية الموقف الفرنسي بين الخطاب القضائي والحسابات الدبلوماسية.

أوروبا على خط النار

المبادرة الإسبانية عبر Eurojust، قد تجبر باريس على الاختيار بين حماية توازناتها السياسية مع الرباط واحترام التزاماتها في التعاون القضائي الأوروبي، ما ينذر بتحول ملف بيغاسوس من قضية تجسس عابرة إلى أزمة سياسية وقضائية عابرة للحدود، عنوانها الأبرز، الحقيقة المؤجلة لم تعد مقبولة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك