أنتلجنسيا:ياسر اروين
في قلب المشهد السياسي المغربي، يبرز دور مستشاري الملك كفاعل حاسم في توجيه القرارات الكبرى، بعيداً عن صناديق الاقتراع وآليات المحاسبة البرلمانية.
هؤلاء لا يشغلون مناصب تنفيذية رسمية، لكنهم يتحكمون فعلياً في مفاصل استراتيجية، من السياسات العمومية إلى التوجهات الاقتصادية الكبرى، بما يجعلهم سلطة فوق المؤسسات المنتخبة.
الدولة العميقة ومنطق التفويض
تُدار قطاعات حيوية بمنطق التفويض غير المعلن، حيث تُصاغ القرارات داخل دوائر ضيقة قبل أن تُمرَّر للحكومة كأمر واقع.
هذا النمط يعمّق من حضور “الدولة العميقة”، ويحوّل الحكومة والبرلمان إلى واجهات تنفيذية لخيارات لم تشارك في بلورتها، ما يفرغ العمل السياسي من مضمونه التمثيلي.
الاقتصاد تحت الوصاية
يمتد نفوذ مستشاري الملك إلى المجال الاقتصادي عبر الإشراف غير المباشر على مشاريع كبرى، وتوجيه الاستثمارات العمومية، والتأثير في اختيارات استراتيجية تمس الثروات والقطاعات الحيوية.
والنتيجة، هي اقتصاد يُدار بمنطق الولاء والنفوذ، لا بمنطق التنافس والشفافية، مع تهميش واضح لدور المؤسسات الرقابية.
إضعاف الأحزاب وتآكل السياسة
أمام هذا الثقل، تتراجع الأحزاب السياسية بالمملكة المغربية، إلى أدوار ثانوية، عاجزة عن المبادرة أو التأثير الحقيقي.
ويتحول التنافس الحزبي إلى صراع على تدبير الهامش، بينما القرار الفعلي يُحسم خارج الحقل السياسي، ما يفاقم العزوف الشعبي ويعمّق أزمة الثقة في الديمقراطية.
مساءلة غائبة وسيادة معلّقة
غياب أي إطار دستوري واضح لمحاسبة مستشاري الملك، يطرح سؤال السيادة الشعبية، فمن يحكم فعلاً؟.
وأمام هذا الوضع، تبدو الديمقراطية محصورة في الشكل، بينما الجوهر محتكر من قبل سلطة غير خاضعة للمساءلة، تُمسك بخيوط السياسة والاقتصاد، وتعيد إنتاج التحكم باسم الاستقرار.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك