أنتلجنسيا المغرب:الرباط
حُسم، اليوم الأربعاء24 دجنبر الجاري، مصير مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة داخل مجلس المستشارين، بعدما جرى تمريره بالأغلبية الحكومية في جلسة مشحونة انتهت بانسحاب جماعي للمعارضة، احتجاجا على ما اعتبرته إغلاقا تاما لباب التعديل وفرض نص تشريعي مثير للجدل بالقوة العددية.
الجلسة لم تسر بشكل عادي، إذ توقفت أكثر من مرة بسبب تدخلات المعارضة عبر نقاط نظام عبّرت فيها عن رفضها المطلق لتعاطي الحكومة مع التعديلات المقترحة، قبل أن يدخل ممثلو الفرق المعارضة والنقابات في مشاورات انتهت بقرار الانسحاب من جلسة التصويت كخطوة احتجاجية، مع التشبث بكافة التعديلات التي تم إسقاطها دون نقاش فعلي.
الانسحاب شمل خمسة مكونات داخل المجلس، ويتعلق الأمر بالفريق الحركي، وفريق الاتحاد الاشتراكي، وفريق الاتحاد المغربي للشغل، ومجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إضافة إلى ممثلي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذين طالبوا بإحالة المشروع على المحكمة الدستورية بسبب ما وصفوه بتعارضه مع الدستور ومبادئ التنظيم الذاتي للمهنة.
ورغم هذا الانسحاب، واصل وزير الاتصال المهدي بنسعيد، رفقة الأغلبية المتبقية، مسار الجلسة، حيث جرى تجديد رفض تعديلات المعارضة، والمصادقة النهائية على النص كما ورد من الحكومة دون أي تغيير، ما يعني إسدال الستار على مساره التشريعي داخل البرلمان وإحالته مباشرة على الأمانة العامة للحكومة، دون العودة إلى مجلس النواب.
الوزير بنسعيد اعتبر، في تصريحاته خلال الجلسة، أن النقاش الذي رافق المشروع كان “جادا ومسؤولا” ويعكس ما سماه “المناخ الديمقراطي ومستوى النقاش داخل المؤسسة التشريعية”، مقدما القانون باعتباره خطوة مفصلية لتحديث المشهد الإعلامي وتعزيز الحكامة والشفافية، ومؤكدا أن الحكومة لم تكن سوى أداة لتنزيل تصور نابع من اللجنة المؤقتة، في إطار ما وصفه بالتنظيم الذاتي للمهنة.
وأضاف بنسعيد أن النص يسعى إلى تحقيق توازن بين حرية الصحافة والمسؤولية المهنية، مشددا على أن الحرية، في نظره، لا يمكن أن تتحول إلى فوضى، وأن الحكومة لا تحمل أي أجندة سياسية أو نية للهيمنة أو خدمة أطراف بعينها داخل القطاع.
في المقابل، تواجه هذه الرواية الرسمية رفضا واسعا من هيئات نقابية ومهنية، ومن مؤسسات دستورية من قبيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، التي اعتبرت المشروع معيبا دستوريا، ويكرس منطق التحكم والهيمنة على المجلس الوطني للصحافة، ويضرب في العمق مبدأ الاستقلالية والتنظيم الذاتي.
ومع تمرير القانون داخل البرلمان، تتجه الأنظار إلى المحكمة الدستورية باعتبارها آخر محطة محتملة لإسقاط النص، في وقت أعلنت فيه الهيئات الرافضة عزمها العودة إلى الشارع بخطوات احتجاجية تصعيدية، إلى جانب فتح جبهة الترافع الدولي ضد قانون يوصف بأنه يشكل انتكاسة خطيرة لحرية الصحافة بالمغرب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك