أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
تُتداول داخل كواليس المشهد السياسي المغربي، معطيات تفيد باحتمال كبير لمشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بقيادة إدريس لشكر، في الحكومة التي يُرجّح أن يقودها عزيز أخنوش بعد انتخابات 2026.
هذه المؤشرات لم تعد مجرد قراءات ظرفية، بل باتت تعكس توجهاً يُهيَّأ له بهدوء داخل دوائر القرار، في إطار إعادة ترتيب الخريطة الحزبية وفق منطق التعايش مع السلطة بدل مساءلتها.
هندسة هجينة لحكومة الاستمرارية
الحديث المتصاعد عن إدماج الاتحاد الاشتراكي في حكومة أخنوش المقبلة يندرج ضمن سيناريو سياسي هجين، قوامه جمع أحزاب يفترض أنها متباعدة مرجعياً داخل ائتلاف واحد، هدفه الأساسي ضمان الاستمرارية السياسية وتحييد أي معارضة مؤثرة.
في هذا السياق، يُعاد تموضع الاتحاد الاشتراكي من قوة تاريخية ذات خطاب نقدي إلى فاعل قابل للاحتواء داخل هندسة حكومية تقودها نفس النخب المتهمة بتكريس الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية.
من حزب القوات الشعبية إلى حزب قابل للتدجين
يشكل هذا التحول، إن تأكد، قطيعة رمزية مع تاريخ حزب ارتبط اسمه لعقود بالمعارضة الجريئة وبقادة واجهوا السلطة التنفيذية ودوائر صنع القرار، بل واصطدموا في فترات سابقة بتوجهات القصر ولوبيات المخزن.
المشاركة المحتملة في حكومة أخنوش لا تعني فقط تغيير موقع سياسي، بل تعكس مساراً طويلاً من إفراغ الحزب من دوره الاحتجاجي وتحويله إلى مكوّن وظيفي داخل النسق القائم.
كلفة سياسية وأخلاقية باهظة
الانخراط في حكومة وُجّهت إليها انتقادات حادة بسبب الغلاء، وتفاقم الفوارق الاجتماعية، وتراجع الثقة السياسية، سيحمل كلفة ثقيلة على مستوى مصداقية الاتحاد الاشتراكي.
فبالنسبة لقطاع واسع من قواعده التاريخية والرأي العام، سيُنظر إلى هذه الخطوة كتخلٍ نهائي عن خطاب المعارضة وعن الإرث النضالي الذي ميّز الحزب منذ تأسيسه.
آخر مسمار في نعش حزب المعارضة التاريخية
بهذا المعنى، لا يبدو الحديث عن مشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة أخنوش مجرد احتمال سياسي عابر، بل لحظة مفصلية قد تُسجَّل كآخر مسمار في نعش حزب القوات الشعبية.
فانتقال الحزب من منطق الصراع الديمقراطي، إلى منطق الاندماج في ترتيبات السلطة، قد يضمن له موقعاً حكومياً، لكنه في المقابل يضع تاريخه وهويته السياسية على المحك، ويكرّس نهاية مرحلة كاملة من المعارضة الحقيقية في المغرب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك