أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
تحولت مشاريع إعادة التأهيل بمدينة سيدي يحيى الغرب إلى عنوان صارخ لعبثية الإنجاز وضعف المتابعة رغم المظهر الذي يبدو فيه العامل "إدريس الروبيو" وهو يجوب القرى والمداشر ويتفقد الميدان، صور بالجملة تجوب الهواتف ومواقع التواصل لكنها لم تمنع من سقوط أول اختبار حقيقي حين نزل المطر لتنكشف الحقيقة العارية بأن ما يبنى بالمليارات لم يصمد حتى لساعات.

انهيار الشوارع فور أول القطرات لم يكن حادثا مفاجئا بل نتيجة
متوقعة بعد التحذيرات المتكررة من المجتمع المدني الذي نبه مرارا إلى ضرورة الرفع
من وتيرة الأشغال والالتزام بالضوابط التقنية الصارمة التي يفترض أن يتابعها
مهندسون وتقنيون يتحملون مسؤولياتهم المهنية، والقانونية.
لكن التحذيرات ذهبت أدراج الرياح وبقيت الصفقات تُنفذ بمنطق الربح السريع دون الجودة المطلوبة.

ظهور الحفر العميقة وانجراف الطبقات الإسفلتية كشف أن الأشغال
تمت بكيفية مغشوشة وأن الطبقات الأرضية لم تكن متماسكة ولا مضغوطة بما يكفي ما
يعكس ضعف الشركة المكلفة التي وجدت نفسها أمام مشروع يفوق قدراتها، سقوط البنية في
أول اختبار يعني أن المدينة دُفعت دفعا نحو كارثة مست شوارعها وكرامة سكانها.
المجتمع المدني الذي سبق وصرخ في وجه العشوائية وجد نفسه اليوم أمام دليل مادي يؤكد كل ما قاله سابقا، أشغال بطيئة وعمال قليلون وشركة تعمل بلا علامات تشوير ولا احترام لسلامة المرور إضافة إلى تكسير شامل للشوارع والأزقة وتركها على فوضى تامة، كانت النتيجة مسارات إسفلتية مصنوعة بطريقة تشبه "السميدة والكيكة" تنهار مع أول نقطة مطر.

الغضب الشعبي بلغ ذروته بعد انتشار فيديوهات وصور فضائح الأشغال
على مواقع التواصل حيث ظهر حجم التخريب الممنهج الذي عاشته المدينة طيلة أيام
الأشغال دون تغيير، سكان سيدي يحيى الغرب لم يعودوا قادرين على احتمال المزيد من
التهميش الذي كُتب على مدينتهم أن تعيشه في كل مشروع يمر عبرها، تهدر الأموال
والنتائج صفر، بعد كل كارثة واحدة أكبر منها.
قيمة المشروع التي تتجاوز حوالي 14 مليارا ، والتي تندرج ضمن
برنامج التأهيل الحضري تحولت إلى حكاية سوداء تطرح أسئلة كبيرة حول من يراقب ومن
يحاسب ومن يوقع على انتهاء أشطر الأشغال، إن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل وأصبح
تدخلا عاجلا من وزارة الداخلية ورئاسة الجهة الممولة للمشروع ضرورة ملحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل
أن يتحول الغش إلى كوارث أعمق تأثيرا على البنية التحتية أكثر مما هي عليه، ونفسية
السكان.
إن ما يقع اليوم بسيدي يحيى
الغرب يعكس خللا بنيويا في طريقة تدبير المشاريع ويجعل المدينة أسيرة شركات ضعيفة
ومساطر مغشوشة تغيب فيها المحاسبة والصرامة، والنتيجة مدينة تتعثر عند كل شتاء
ووجوه مسؤولة تكتفي بالتقاط الصور فيما الواقع ينهار تحت أقدام المواطنين.
وجب التدخل
الفوري قبل فوات الأوان .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك