أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا
في مشهد سياسي غير مسبوق، فاز المرشح
الديمقراطي الاشتراكي زهران ممداني، ذو الأصول الهندية والبالغ من العمر أربعة
وثلاثين عامًا، بمنصب عمدة نيويورك، بعد معركة انتخابية شرسة ضد الحاكم السابق
أندرو كومو، أحد أبرز وجوه الحزب المخضرمين. هذا الفوز لم يكن مجرد انتصار انتخابي
عادي، بل تحول إلى رسالة سياسية عميقة تعيد رسم ملامح اليسار الأمريكي وتمنح الأمل
لجيل جديد من القادة الطامحين إلى التغيير.
جاءت حملة ممداني مليئة بالحماس
والطموح، إذ رفع شعار “الأمل والمستقبل” في مواجهة الخطابات التقليدية التي تغرق
في لغة الإدارة أكثر من الإلهام. ركّز في خطابه على قضايا الناس البسطاء، متحدثًا
عن العدالة الاجتماعية، وحق الجميع في حياة كريمة داخل واحدة من أغلى المدن في
العالم. وقد وجد دعمه الأكبر بين الشباب والفئات العاملة والمهاجرين من أصول
آسيوية ولاتينية، الذين رأوا فيه انعكاسًا لطموحاتهم وصوتًا حقيقيًا لمعاناتهم.
من أبرز وعود ممداني الانتخابية كان
جعل النقل بالحافلات مجانيًا، في خطوة جريئة تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين
وتعزيز العدالة في التنقل داخل المدينة. كما وعد بإنشاء متاجر بقالة بلدية تتيح
أسعارًا عادلة وتكافح جشع الشركات الكبرى، إلى جانب برنامج طموح لتوفير رعاية
أطفال مجانية لكل من هم دون الخامسة، في إطار مشروع شامل لإعادة توزيع الثروة بشكل
أكثر إنصافًا.
يرى المراقبون أن انتخاب ممداني يمثل
لحظة مفصلية للحزب الديمقراطي، إذ يعيد الحزب إلى جذوره الأولى التي قامت على دعم
الطبقة العاملة وتوسيع نطاق الخدمات الاجتماعية. فوز ممداني ليس مجرد انتصار لمرشح
شاب، بل هو تجديد لعهد سياسي بدأ يفقد بريقه وسط انقسامات الحزب الداخلية وصعود
التيارات الشعبوية.
لكن مع انقضاء نشوة الفوز، يدرك
ممداني أن الطريق أمامه لن يكون مفروشًا بالورود. فمدينة نيويورك بقدر ما تمنح
المجد، تفرض اختبارات قاسية على من يقودها. وبين ضغوط المصالح الاقتصادية وتعقيدات
الإدارة، سيجد نفسه أمام امتحان حقيقي لترجمة وعوده إلى واقع ملموس، فهل ينجح في
تحويل حلم “الأمل والمستقبل” إلى تجربة واقعية تُحدث الفارق في حياة ملايين
النيويوركيين؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك