
أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
الزيارات التي يقوم بها وزير الصحة
السيد "أمين التهراوي" لعدد من المدن المغربية لم تعد تُقنع أحدا، بل
تحولت إلى مسرحيات "فولكلورية" غايتها امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد، في
وقت يعيش فيه القطاع أزمة خانقة لم يعد المواطن ولا الأطر الطبية قادرين على
تحملها، المواطنون يحتجون صباح مساء، فيما الأطباء والممرضون يرفعون أصواتهم في
وجه تهميش طال أمده، بينما الوزير يكتفي بجولات استعراضية لا تجلب سوى السخط
والاستهجان.
الخطر الأكبر يكمن في أن الوزير
الحالي لا يمتلك أي خبرة حقيقية في قطاع الصحة، بل هو بعيد كل البعد عن التخصصات
الطبية، الأمر الذي يجعل قراراته أقرب إلى وصفات تجميلية ومسكنات سطحية لا تعالج
عمق الداء من الداخل، وزارة الصحة تحتاج إلى قيادة "بروفيسور" متخصص
وكفاءة علمية حقيقية، لا إلى مسؤول يراكم الصفقات ويترك المريض يصارع الألم وسط
غياب الدواء والمعدات.
الشارع المغربي كان شاهدا على لحظات
الإحراج التي تعرض لها الوزير خلال زياراته الأخيرة للمستشفيات، حيث قوبل
بالاحتجاجات من مواطنين بائسين يواجهون الإهمال، وأطر طبية تستغيث من قلة الوسائل
وانعدام الدعم.
المشهد يكشف عن حجم الهوة بين الخطاب
الرسمي والواقع المرير الذي يعيشه المغاربة يوميا في أقسام المستعجلات والعيادات
العمومية.
الزيارات الميدانية التي يحرص الوزير
على القيام بها مؤخرا لم تعد سوى عبء إضافي على خزينة الدولة، بما تتطلبه من حراسة
وتنقلات وتعويضات، دون أن تسفر عن حلول عملية، كان الأجدر بالوزير أن يمكث في
وزارته، ويعقد جلسات طارئة مع خبراء الصحة ومستشاريه لتدارك ما يمكن إنقاذه بدل
الانغماس في استعراضات "بروتوكولية" لا جدوى منها.
لقد آن الأوان للاعتراف بأن الصحة في
المغرب تحتاج بالفعل إلى "الصحة"، وأن إنقاذ هذا القطاع لن يتحقق إلا
بتعيين وزير من رحم الميدان مستقبلا، يمتلك الخبرة والقدرة على تقديم حلول ملموسة
تعيد الثقة للمريض وتكرم الأطر الطبية، وإلى ذلك الحين ستظل جولات الوزير مجرد
عروض عابرة لا تسمن ولا تغني من جوع.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك