بين نار الغلاء وصمت الحكومة..المغاربة في جحيم اقتصادي لا يرحم

 بين نار الغلاء وصمت الحكومة..المغاربة في جحيم اقتصادي لا يرحم
ديكريبتاج / الجمعة 23 مايو 2025 - 22:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في الوقت الذي تروج فيه الحكومة المغربية، برئاسة عزيز أخنوش، لخطاب التفاؤل وتحسن المؤشرات الاقتصادية، تكشف الأرقام الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، والواقع اليومي في الأسواق والشوارع، صورة قاتمة عن وضع اجتماعي واقتصادي ينذر بانفجار اجتماعي وشيك.

فرغم وعود الحكومة بانخفاض الأسعار وتحسُّن القدرة الشرائية، تؤكد المندوبية في آخر مذكرة لها متعلقة بشهر أبريل 2025 أن مؤشر الأثمان عند الاستهلاك سجل ارتفاعاً جديداً بنسبة 0,7% مقارنة بنفس الشهر من السنة الماضية.

الغلاء مستمر  والجيوب فارغة

شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية زيادات متفاوتة، خصوصاً الخضر، اللحوم، الأسماك، والزيوت، ما جعل الأسر المغربية تعيش ضغطاً متواصلاً على ميزانيتها اليومية. فكل جولة إلى السوق كافية لتقلب حسابات أي أسرة متوسطة الدخل، ناهيك عن الطبقات الهشة.

تقول خديجة، موظفة وأم لثلاثة أطفال من الرباط:

"كل شهر نسمع الحكومة تقول أن الأسعار انخفضت، ولكن الواقع أن قفة الأسبوع تتضاعف، والطماطم والبطاطا وصلت لأثمان غير معقولة. واش هما كيتسوقو معانا؟"

في المقابل، تتحدث الحكومة عن تحكم تدريجي في التضخم، مستندة إلى تحاليل تقنية وتقارير تتحدث عن "استقرار نسبي"، لكن المواطن العادي يواجه يومياً حقيقتين: حكومة تبرر وواقع ينهش.

المندوبية تفضح خطاب الحكومة

أرقام المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة رسمية لا تخضع لسلطة الحكومة، جاءت لتضرب عرض الحائط بالخطاب الرسمي. فقد أوضحت المذكرة الأخيرة أن ارتفاع الأسعار لم يشمل فقط المواد الغذائية، بل طال المواد غير الغذائية كذلك، مشيرة إلى تراجع فعالية الإجراءات الحكومية المعلنة مثل دعم بعض السلع أو تنظيم سلاسل التوريد.

وتُطرح أسئلة محرجة حول جدوى تدخلات الحكومة، خاصة أمام ارتفاع أسعار المحروقات، التي تُعد المحرك الرئيسي لغلاء النقل، وبالتالي ارتفاع كلفة المواد الاستهلاكية. فقد تجاوز سعر الغازوال 14 درهماً للتر في بعض المدن، وهو ما أعاد النقاش حول تسقيف الأسعار والضرائب المفروضة على الشركات الموزعة.

البطالة والفقر..مؤشرات أخرى للانفجار

إذا كان الغلاء قد أصبح هاجساً يومياً، فإن البطالة والفقر صارتا وجهين دائمين لواقع المغاربة. حسب آخر التقارير، تفوق نسبة البطالة وسط الشباب 32%، بينما يعيش أكثر من 3 ملايين مغربي تحت عتبة الفقر. الأدهى أن السياسات الحكومية الحالية، حسب خبراء، لا تقدم حلولاً جذرية بقدر ما ترقع الوضع ببرامج موسمية لا تلامس جوهر الأزمة.

يقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمان بوسحاقي:

"الوضع الاقتصادي يعيش اختلالاً هيكلياً، والحكومة الحالية تفتقد لجرأة الإصلاح. ما يقع هو إدارة أزمة وليس حلها، والمواطن يدفع الثمن."

إحساس متنامٍ بـ"الخيبة السياسية"

الاستياء الشعبي لا يقف عند حدود القفة والسوق، بل يتجاوزها إلى الشعور بخيبة أمل سياسية كبيرة، خاصة في ظل الوعود التي أطلقها حزب التجمع الوطني للأحرار خلال الحملة الانتخابية والتي لم يتحقق منها شيء ملموس، حسب متتبعين.

يتساءل حسن، مدرس من فاس:

"واش هذه هي الدولة الاجتماعية اللي كانو كيهدرو عليها؟ واش الدعم كيجي للمواطن ولا كيمشي في الطريق؟"

مواقع التواصل الاجتماعي تحولت بدورها إلى فضاء يومي للغضب والسخرية من تصريحات الوزراء، خاصة تصريحات رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي نادراً ما يخرج للتواصل المباشر مع الرأي العام، وهو ما زاد من حالة التوجس الشعبي.

المعارضة غائبة والشارع يئنّ

رغم حدة الأزمة، فإن غياب مبادرات قوية من المعارضة السياسية، باستثناء بعض التصريحات المتفرقة، زاد من شعور المغاربة بالعزلة، وكأنهم تُركوا لمصيرهم دون حامٍ سياسي فعلي.

محاولات تقديم ملتمس رقابة فشلت، والمبادرات التشريعية محدودة، بينما يتم تفادي الحديث عن مظاهرات أو احتجاجات قد تفتح أبواب مواجهة غير محسوبة العواقب.

إلى أين يسير المغرب؟

الواقع الميداني يطرح سؤالاً جوهرياً: هل نحن أمام أزمة عابرة أم انزلاق نحو مستقبل أكثر هشاشة؟ هل تملك الحكومة بالفعل رؤية واضحة لتجاوز هذا المنعطف، أم أن ما نراه ليس سوى بداية لانفجار اجتماعي محتم؟

ما يتفق عليه المراقبون هو أن ثقة المواطن تهتز أكثر فأكثر، ومع كل شهر يمر دون تحسن ملموس، تتراكم الخيبات، وتُفتَح الأبواب أمام كل السيناريوهات، بما فيها تلك التي عاشها المغرب في أزمات سابقة، والتي انطلقت من الأسعار وانتهت باحتجاجات في الشارع.

الغضب صامت ولكنه يتراكم

في ظل مفارقة مؤلمة بين أرقام رسمية تعترف بالغلاء وخطاب حكومي يزعم الاستقرار، يظل المواطن المغربي الحلقة الأضعف في معادلة لا ترحم. لا انخفاض في الأسعار، لا فرص شغل كافية، ولا وضوح في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية. فقط انتظار، وصبر، وربما... انفجار.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك