بقلم : عبد الرحمن الشاوي
في الدرس
الافتتاحي لمسلك الآداب والثقافة والتواصل بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية
بسطات
استضاف مسلك
الآداب والثقافة والتواصل، بكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية، جامعة الحسن
الأول بسطات، الناقد الأكاديمي الأستاذ محمد بازي، صباح يوم الأربعاء 19 نونبر
2025 (ابتداء من الساعة العاشرة صباحا)، لإلقاء درس افتتاحي للموسم الجامعي
2025-2026 في موضوع: "التَّأويلِيَّاتُ الجَديدَةُ ونَظَريَّةُ الخِطابِ
القاصِدِ مِنْ فَهْمِ النَّصِّ إلى بِناءِ الهُوِّيَّةِ النَّقْدِيَّةِ". وقد
نسق أشغاله الأستاذ بوشعيب الساوري بحضور السيد عميد الكلية بالنيابة الأستاذ عبد
القادر سبيل الذي ألقى كلمة بالمناسبة رحب فيها بالضيف ونوه بمشروعه التأويلي
وبأنشطة مسلك الآداب والثقافة والتواصل النوعية. وأكد منسق الأستاذ إبراهيم أزوغ
في كلمة باسم مسلك الآداب والثقافة والتواصل "أن الحديث عن الأستاذ محمد بازي
هو حديث عن مسار علمي غني، وعن مشروع أكاديمي قائم على رؤية معرفية واضحة، تزاوج
بين العمق النظري والدقة التحليلية والوعي النقدي المتجدد. وليس مجرد باحث يجدد
أدوات الخطاب، أو يُغني مكتبة الدرس الأدبي بمنشورات عديدة، بل هو مدرسة نقدية
قائمة بذاتها في بناء المفاهيم، وتأصيل منهج لقراءة النصوص.
وأكد أزوغ أن
اختيار الأستاذ بازي لإلقاء هذا الدرس الافتتاحي ليس قرارًا عرضيًا، ولا خطوة
بروتوكولية، ولا بغية استعراض مثلما نشهد في المجال الجامعي الذي يستضيف هنا وهناك
أسماء لا علاقة للكثير منها بالبحث الأكاديمي، ولا أثر لها لا في مجال التعليم
والبحث والعلمي، ولا تمتلك مشروعا أو رؤية، إن اختيار بازي هو تعبير عن الايمان
بقيمة هذا الاسم العلمي، وبالدور الذي يلعبه في توسيع آفاق المعرفة، وترسيخ ثقافة
السؤال، وإغناء النقاشات الأكاديمية التي يحتاجها الباحث والطالب الجامعي المغربي
والعربي عمومًا. حضوره في الدرس الافتتاحي للمسلك هو مناسبة للتأكيد على أن الجامعة
فضاءٌ للبحث والتفكير والإنتاج العلمي الرصين، وأن الدرس الافتتاحي ليس مجرد لقاء
موسمي، بل هو لحظة تأسيس لتوجهات معرفية نرجو أن تُسهم في بناء موسم أكاديمي
واعد".
وفي كلمة
تقديمية للضيف أكد الأستاذ بوشعيب الساوري أن الأستاذ محمد بازي استطاع أن يصنع لنفسه مكانة بارزة في حقل
التأويليات العربية بفعل ما راكمه من مؤلفات مكنته من أن يجترح لنفسه مشروعا
تأويليا في تحليل الخطاب في علاقته بالبلاغة والتداوليات والدراسات القرآنية، وقد
تبلور من خلال نماذج أساسية وهي: أنموذج التساند والتطالب، وأنموذج التأويلي
التقابلي، وأنموذج تأويلية الأنوال الاستعارية، وأنموذج تناغم الخطاب وحقائق
الوجود الدال.
وبين أن الهدف
من وراء هذه النمذجات هو ضبط قوانين وضوابط الممارسة التأويلية، وفق التخصص،
والنظام، والنسقية، والتميز والفرادة والأسبقية، تجنباً لترك التأويل عرضة للفوضى
أو للعمى والعمَه (فقد البصيرة والبصر) بلغة محمد بازي. والسعي إلى تقريب النظرية
من العالم وتفسيرها والتأكيد على أن أهدافها التمكين من وحدة المعرفة.
وتتوجّه هذه
النّمذجات بثلاث موجهات الفلسفة باعتبارها تروم بالأساس الفهم وتجنب سوء الفهم،
والعلم بالنظر إليه كخطوات يتحقق بها فعل التأويل، وبناء الناشئة، لأن إنسان الغد
يبدأ من اليوم وصورة المستقبل تتحكم فيها استراتيجية تكوينية للأفراد على مستوى
كيفيات الفهم ومضمون ذلك الفهم.
وبعده قدم
الأستاذ الساوري إصدارات محمد بازي التي بغلت تسعة عشر مؤلفا توزعت بين مشروعه
التأويلي وبين انشغالاته التربوية، كما أشار إلى أن مشروع محمد بازي حظي بمجموعة
من الدراسات.
في
محاضرته"التَّأويلِيَّاتُ الجَديدَةُ ونَظَريَّةُ الخِطابِ القاصِدِ مِنْ
فَهْمِ النَّصِّ إلى بِناءِ الهُوِّيَّةِ النَّقْدِيَّةِ" حرص الأستاذ محمد
بازي على تقديم مسار مشروعه التأويلي وكيف تولّد منذ كان طالبا في الإجازة، من
خلال جملة من الأسئلة المحركة: كيف نقرأ النص الأدبي؟ وكيف نفهمه ونؤوله؟ ما جدوى
الأدب؟ وما حقيقته؟ ومع تعميق البحث في الموضوع ارتأى الأستاذ محمد بازي التجديد
وتجاوز التبعية للغرب في استعارة نماذجه التأويلية وتجاوز مرحلة التلقي إلى مرحلة
الإبداع، من خلال سؤال وهو هل بإمكاننا إنتاج تأويليات جديدة؟ موجها بمسعى هام جدا
ويتمثل في الانطلاق من فهم النص إلى بناء الهوية النقدية ولا يتحقق ذلك إلا
بالانتقال من النماذج التأويلية الصغرى إلى نموذج تأويلي كلي جامع.
وأكد الأستاذ
محمد بازي أن مشروعه التأويلي يتميز بالسعي إلى تأسيس فلسفة تأويلية أخلاقية
مآلية، تتأسس على الانتقال من النظرية المغلقة إلى النظرية الملكوتية، نظرية
مناسبة لثقافتنا العربية الإسلامية، نظرية قاصدة للخطاب، تروم تجاوز النظريات
الأدبية التي تعيش أزمة الانغلاق، وبوعي ابستمولوجي ظاهر منطلق من أزمة تعرفها
المشاريع التأويلية بكل توجهاتها وتتمثل في بقائها حبيسة الفهم والتأويل دون
القدرة على ربطه بالوجود الإنساني، بالانتقال من البلاغة الصغرى (بلاغة الأساليب)
إلى البلاغة الكبرى (أخلاقية الوجود)، قصد الوصول إلى القراءة البليغة التي تربط
المعنى بالعمل.
وبين الأستاذ
محمد بازي، من خلال وعي فلسفي موجه، أن هذا المشروع ما كان بإمكانه التحقق إلا
بتوسيع المفاهيم مثل الأدب والخطاب والتأويل والاستعارة والنص والفهم، انطلاقا من
الغوص في ثقافتنا العربية الإسلامية منذ نشأتها بمختلف علومها وممارساتها العلمية،
قصد الوصول إلى تأويلية كتخصص معرفي عالم موضوعه الأساس الفهم وفنون التأويل عالمة
يستند إلى خطاب العلم تجنبا لمخاطر التأويل.
بتواضع علمي
وبوعي بنسبية ما قدمه بفعل انتمائه الى حقل الإنسانيات، أكد الأستاذ محمد بازي أنه
حاول تقديم نظرية علمية في التأويل مع نماذجها وتطبيقاتها على نصوص متنوعة من
الثقافة العربية الإسلامية (المثل، القصة، الحكاية، الرواية....) مزاوجا بين
النظرية والتطبيق حرصا منه على الطابع النفعي لها مؤكدا على الالتزام بصرامة
المنهج العلمي المتعارف عليه بين العلماء.
وعن الآفاق
المستقبلية لمشروعه التأويلي، ومن منطلق تحويل هذه النماذج التأويلية إلى الآخر
الذي يشتغل بالحاسوب، أعلن الأستاذ محمد بازي أننا نعيش وضعا جديدا وهو الذكاء
الاصطناعي والذي يتطلب منا إنتاج نماذج تأويلية ذات طبيعة رقمية ذات لغوية محوسبة
صارمة، وعلوم جديدة ونماذج تأويلية غير مسبوقة، ولتحقيق هذا المشروع أعلن أنه بدأ
في الاشتغال على هذا النموذج التأويلي الرقمي منذ أزيد من أربعة أشهر قصد نمذجة
الخطابات الرقمية. كما أكد أنه قرر الخروج بمشروعه التأويلي من الظل على شمس
المواجهة والمرافعة والمحاججة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك