مرتيل، رقة الشمال

مرتيل، رقة الشمال
ثقافة وفنون / الاثنين 10 نوفمبر 2025 - 21:29 / لا توجد تعليقات: تهنئة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة

 بقلم : عبدالحق  الريكي

بين البحر والجبل، حيث تلامس ضبابات الريف مياه البحر الأبيض المتوسط، تمتد مرتيل — مدينة صغيرة بيضاء وزرقاء، هادئة ومسالمة، كهمسٍ على حافة الزمن. 

هنا، لا شيء يُستعجل.

الأيام تمضي على إيقاع الأمواج وخطوات المارة في الكورنيش.

الضوء يتبدّل باستمرار، يلهو على الجدران البيضاء، وكل مساءٍ تغرب الشمس في صمتٍ ذهبيٍّ بديع.

 مدينة القلب الهادئ

ليست مرتيل مدينة كبرى، فلا زحمة طنجة ولا صخب الدار البيضاء يسكنانها.

لكنها تملك ما فقدته المدن الأخرى: التوازن، والطمأنينة، والسكينة.

سحرها في بساطتها: صيّادو الميناء، وطلبة جامعة عبد المالك السعدي الذين يملؤون المقاهي بالحياة، والعائلات التي تتقاطر إلى الشاطئ عند الغروب.

 البحر مرآة الروح

شاطئ مرتيل، الممتد برماله الناعمة، دعوة إلى الصمت الداخلي.

عند الفجر، حين تنقشع الضبابات عن الماء، تصدح النوارس كأنها تتلو صلاة.

ومن بعيد، يرتفع الريف، أخضرَ وأزرق، كحارسٍ لذاكرة الأجداد.

الذين يعرفون مرتيل يدركون أن البحر فيها يتكلّم — بهدوء، ولكن دائماً.

 الحياة بين الأبيض والأزرق

مقاهي الواجهة البحرية ملاذاتٌ من ضوءٍ وصفاء.

هناك، يُرتشف الشاي بالنعناع أو عصير الأفوكادو أو قهوة سوداء أمام الأفق.

كل شيء يبدو معلقاً: الزمن، الهموم، ضجيج العالم.

يعيش الناس هنا على إيقاع الرياح والفصول، في بطءٍ سعيدٍ ورضا.

 حول مرتيل، عوالم تستحق الاكتشاف

على بُعد عشر دقائق، تتفتح تطوان الأندلسية البيضاء بأزقتها القديمة وأبوابها المنقوشة.

وأبعد قليلاً، شفشاون الزرقاء تدعو إلى التأمل والشعر.

ومن يدفع باتجاه كابو نيكرو أو المضيق، يلقى البحر من جديد — لكن تحت أضواءٍ مختلفة.

مرتيل، وعد السكينة 

من يتوقف فيها أياماً قليلة، يغادرها بقلبٍ مثقلٍ بالحنين.

فمرتيل ليست مجرد وجهة؛ إنها حالةُ روح، وطريقةٌ للسكن في الجمال والصمت.

عشرون يوماً في مرتيل هي عشرون يوماً لاستعادة الذات.

للاستماع إلى البحر، والمشي ببطء، والتنفس بعمق، وتذكّر أن السعادة أحياناً تكمن في أشياء صغيرة: سماء صافية، موجة لطيفة، وابتسامة عابرٍ على الكورنيش.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك