أنتلجنسيا المغرب: الدار البيضاء
أصدر المفكر والأكاديمي الإماراتي من
أصل مغربي محمد بشاري مؤلفًا جديدًا عن المركز الثقافي للكتاب بعنوان
"الإسلام وما بعد الحداثة: تفكيك القطيعة واستئناف البناء"، ليقدم من
خلاله قراءة فلسفية عميقة في علاقة الإسلام بالحداثة وما بعدها، من منظور نقدي
يتجاوز ثنائية الصدام والتبرير نحو بناء فكر إنساني متوازن.
الكتاب، الممتد على مئتين وست وخمسين
صفحة، يمثل دعوة فكرية جريئة لإعادة التفكير في موقع الإسلام داخل التحولات
المعرفية المعاصرة، حيث يطرح أسئلة جوهرية حول إمكانية صياغة نموذج حداثي إسلامي
أصيل، وحدود التفاعل بين القيم الدينية وتطورات الثورة الرقمية، إلى جانب تحليل
لما بعد الحداثة باعتبارها إما انعتاقًا من الأزمة أو إعادة إنتاج لها.
يقسم بشاري عمله إلى ثلاثة فصول
مترابطة؛ يناقش الأول تحولات الحداثة ومركزية الإنسان في التجربة الفكرية الحديثة،
بينما يتناول الثاني علاقة الدين بالحداثة في الفكر العربي والإسلامي من زاوية
نقدية للخطاب الديني والسياسي، أما الثالث فيستشرف مآلات ما بعد الحداثة في زمن
الرقمنة، مستعرضًا مصير الإنسان في عالم متسارع التجريد والانفصال.
ويرى المؤلف أن الحداثة ليست نقيضًا
للدين، بل هي طور من أطوار تطور العقل البشري يستلزم توجيهًا أخلاقيًا وروحيًا،
وأن الإسلام بما يملكه من عمق مقاصدي قادر على بناء حداثة إنسانية تُوازن بين
الحرية والمسؤولية، وبين التقدم المادي والسمو القيمي. وهي رؤية تسعى إلى إعادة
الجسر المفقود بين الوحي والعقل، وبين الشرق والغرب، وبين الإنسان ومعناه.
ويختم بشاري كتابه بعبارة بليغة تختصر
مشروعه الفكري: "ما الحداثة إلا وهم اكتمال، وما ما بعد الحداثة إلا قناع
انقطاع، وما بين الوهم والقناع تاه الإنسان في متاهات المعنى"، داعيًا إلى
استئناف مشروع البناء الحضاري القائم على القيم والمعرفة. بهذا العمل، يرسخ محمد
بشاري موقعه كأحد أبرز المفكرين المسلمين المعاصرين الذين يسعون إلى تجديد الفكر
الإسلامي وربطه بالتحولات الكبرى للعالم الحديث.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك