
بريشة الشاعر : عبدالرزاق بوغنبور
يا غالي...
يا
دفءَ الأيامِ إن جفَّ النسيم،
ويا لقمان...
يا
حكمةَ الروحِ في وجهِ العتمات.
كبرتما…
وكأنّ
الدهرَ قد غفا على كتفيَّ لحظة،
ثمّ
صحا…
فصرتما
نبضًا وضياء،
مرايا
أملي، وأجمل ما نسجتْه يدُ الحياة لي،
في
هذا الزمن الذي كثيرًا ما يُبهتُ الألوان…
لكنّكما،
ظللتما الزهرَ في حقلي،
والندى
في صباحي،
والأمان
حين تتعبني المسافات.
أيّها
الفارسان في صهوة الغد،
لي
فيكما بوصلةُ العمر،
وفي
صوتكما...
أسمع
رجعَ الخطى التي مشيتُها كي تصلا،
أسمع
تعبَ السنين وقد صار لحناً،
يحمله
ضحكُكما، ويشفي القلب.
غالي...
اسمٌ
على مسمّى،
أنت
الغالي لا لأنك حفيدي فحسب،
بل
لأنك الوعدُ الذي وفى،
والحنانُ
الذي جاءني صغيرًا،
فعلّمني
أن القلب يُعاد خلقه
حين
يحتضن صغيرًا يُشبه النور.
منذ
أول نظرةٍ…
وأنت
تُمسك إصبعي، كأنك تعاهدني
أنك
ستمضي بقلبي، لا بخطاك فقط.
وحين
تنظر إليّ...
ينطق
الصمتُ حبًّا،
وتتفتح
في صدري أبواب الدعاء.
وها
أنتَ، كما عهدتك،
تبتسم
دائمًا… حتى للغيم،
وكأنك
تملك مفتاح الفرح،
وتهديه
للعابرين.
ولقمان...
كأنك
وُلدتَ بالحكمة في عينيك،
تعرف
متى تصمت، ومتى تضحك،
وكأن
في داخلك رجلاً صغيرًا
يعرف
أنّ العالم يُصنع من قولٍ طيب،
ومن
احترام الحرف والمعنى،
ومن
إصغاءٍ نادر، يشبه الذين عرفوا
أن
الحياة تستحقُّ أن تصغي لها بحب.
وحين
ترفع إصبعك الشاهد نحو السماء،
وترفع
يديك كمن يشكر الضوء،
كأنك
تذكّرنا أن المعنى فوق،
وأن
القلب حين يصدق... لا يُخطئ الطريق.
في
عيد ميلادكما...
اكتبا
التاريخ على صفحات الضوء،
ولا
تتبعا إلا ما يرضي ضمائركما.
كونا
عادلَين…
حتى
حين يكون العدلُ ثقيلاً،
وكونا
طيبَين…
فالقلوب
تُخلّد من مرّت بها نسمةُ لطفٍ واحدة.
تعلّما...
أن
لا شيء أسمى من العلم،
ولا
أقوى من الحق،
ولا
أطهر من قلبٍ لا يحمل حقدًا.
كونا
صديقين للحقيقة،
وللبسطاء
الذين لا يملكون إلّا قلوبهم،
كونا
نهرين من عطاء،
ولا
تسمحا للضجيج أن يخطف منكما نغمة القلب.
تذكّرا
دومًا...
أنني
حين أكبر،
ستكونان
أنتما عكازي،
وضوء
عيني،
وسرّ
الدعاء حين يغفو الكلام.
وحين
يغيب صوتي،
سيبقى
اسمكما فيه…
وصوركما
على وسادتي،
كما
لو كنتما خلاصة عمري.
كل
عام وأنتما لي وطنان صغيران،
كل
عام وأنتما البركة والعُمر المتجدّد،
وكل
نبضةٍ من قلبي…
تُنشد
لكما:
كونا كما أنتما…
فأنتم النور…
وأنا المدى.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك