بقلم : مصطفى شكر
في قلب العاصمة الرباط، وبين جدران
أحد أشهر الفنادق التابعة لسلسلة فندقية عالمية، تتكشف وقائع صادمة تُظهر الوجه
المظلم لعالم العمل داخل بعض المؤسسات السياحية، حيث تتعرض عاملات شابات لممارسات
مهينة تصل حد الاتجار بالبشر، في ظل صمت إداري مريب وتواطؤ ضمني يحمي الجاني بدل
حماية الضحايا.
حسب معطيات توصلت بها مصادر موثوقة،
فإن عدداً من العاملات داخل الفندق المذكور يعشن جحيماً يومياً بسبب ما وصفنه
بـ“التحرش الجنسي المتكرر، والعنف المعنوي، والتهديدات المستمرة”، من طرف أحد
المسؤولين داخل المؤسسة، الذي يجمع بين منصبين حساسَين: كاتب عام لنقابة مستخدمي
الفندق، ومسؤول عن الأمن الداخلي للمؤسسة.
هذا الجمع بين السلطة النقابية
والمهنية مكّن المعني بالأمر من فرض هيمنة مزدوجة على العاملين، مستغلاً موقعه
لابتزاز العاملات، وتخويف من يحاولن فضح ممارساته. وتفيد المصادر أن عدداً منهن
تقدمن بشكايات رسمية، لكن الإدارة التزمت موقف المتفرج، مكتفية بالصمت وكأنها
تبارك هذه الانتهاكات بطريقة غير مباشرة.
الأدهى من ذلك، أن الشخص المعني سبق
أن أُدين ابتدائياً بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ في قضية تتعلق بنفس السلوكيات، ولا
تزال قضيته معروضة على أنظار محكمة الاستئناف. ورغم هذه الإدانة، لم يتوقف عن
ممارسة نفس الأفعال، بل ازداد تمادياً وتحدياً، وهو الآن متابع في ملف جنائي جديد
يتصل بنفس التهم.
عاملات الفندق يؤكدن أن المناخ المهني
داخل المؤسسة أصبح خانقاً، يسوده الخوف والحقد والانقسام بين العمال، بعدما عمد
المتهم إلى تجييش البعض ضد زميلاتهن الضحايا، في محاولة لتكميم الأصوات وخلق فوضى
داخلية تصب في مصلحته.
حقوقيون يعتبرون أن ما يجري لا يتعلق
فقط بتحرش داخل العمل، بل يرتقي إلى شكل من أشكال الاتجار بالبشر وفق المفهوم
الواسع الذي تعتمده التشريعات الدولية، خصوصاً عندما يُستغل الموقع المهني
والنقابي في الإكراه والسيطرة على نساء في وضعية هشاشة.
كما يُحملون إدارة الفندق مسؤولية
جسيمة في استمرار هذه الانتهاكات، لكونها لم تتخذ أي إجراءات تأديبية أو وقائية
رغم توصلها بعدة شكايات، وهو ما يعتبره المراقبون “تواطؤاً صامتاً” يضرب في العمق
مبادئ المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات السياحية الكبرى.
القضية، التي تتابعها فعاليات نسائية
وحقوقية عن كثب، أعادت إلى الواجهة النقاش حول الاتفاقية رقم 190 لمنظمة العمل
الدولية، التي تلزم أرباب العمل بضمان بيئة عمل خالية من العنف والتحرش. كما تطرح
أسئلة محرجة حول فعالية أجهزة الرقابة وحماية العاملات في مؤسسات يفترض أن تكون
نموذجاً في احترام الكرامة الإنسانية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك