طنجة الصناعية تشتعل بين عطش المصانع للعمال وغضب الأجور المنهكة

طنجة الصناعية تشتعل بين عطش المصانع للعمال وغضب الأجور المنهكة
مجتمع / الثلاثاء 25 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل

تشهد ضواحي طنجة أزمة غير مسبوقة في سوق الشغل الصناعي، بعدما تجاوز الخصاص ستة آلاف منصب داخل وحدات الإنتاج التي تواصل التوسع بوتيرة متسارعة، فيما يبقى العرض البشري غير قادر على مواكبة هذا الطلب، رغم إدماج آلاف الشباب في الفحص أنجرة خلال العامين الأخيرين. هذا الوضع يعكس تحولًا عميقًا في بنية الصناعة التي أصبحت تعتمد على المهن التقنية المتقدمة وسلاسل المركبات الكهربائية دون توفر تأهيل كاف يلبي حاجيات هذه الطفرة الإنتاجية.

وتتزايد موجة الانسحاب من المعامل بسبب الرواتب التي يعتبرها عدد من العمال لا تنسجم مع حجم المجهودات المطلوبة داخل خطوط الإنتاج، حيث يفضّل كثيرون مغادرة العمل بدل الاستمرار في ظروف يرون أنها لا تمنحهم الحد الأدنى من التوازن بين الدخل والجهد المبذول. هذا النفور المتصاعد لم يعد مرتبطًا بغياب مناصب الشغل، بل بغياب شروط الإبقاء على اليد العاملة داخل الدورة الصناعية.

وتكشف شهادات ميدانية عن أن جزءًا من المشكل لا يرتبط فقط بالأجور، بل أيضًا بظروف العمل التي توصف بأنها مرهقة تتجاوز في بعض الفترات اثنتي عشرة ساعة داخل مصانع تشتغل بنظام السرعة القصوى لتلبية طلبات التصدير. هذه الوتيرة جعلت عاملات وعمالًا يدخلون في دوامة إنهاك دائم، ما خلق هوة نفسية واجتماعية بين المؤسسة والعنصر البشري الذي يفترض أنه محرك الإنتاج.

وفي مقابل هذا الضغط، ترتفع أصوات تطالب بمراجعة جذرية في منظومة الأجور والتحفيزات، معتبرة أن الحفاظ على اليد العاملة المؤهلة لم يعد رهينًا بالتكوين فقط، بل بتحسين الوضعية المهنية وتمكين العامل من كرامة مادية توازي التحول الاقتصادي الذي تعرفه المنطقة. فالقيمة الحقيقية للصناعة لا تقاس بعدد المصانع المنتصبة، بل بقدرتها على تثبيت الإنسان داخل مساره المهني دون استنزاف أو هروب.

ويبدو أن مستقبل المنطقة الصناعية بطنجة سيظل معلقًا بين اتساع الاستثمارات وتآكل الثقة لدى فئات من الشباب الذين يرفضون أن يكونوا الحلقة الأضعف داخل آلة إنتاج تبحث عن السرعة أكثر من البحث عن الاستقرار الاجتماعي، ما يجعل معالجة هذا الاختلال أولوية لضمان توازن سوق شغل يعيش على حافة الانفجار الصامت.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك