زلزال فساد يهز كرة القدم الأرجنتينية ويضع منتخب التانغو على حافة الإقصاء من كأس العالم

أنتلجنسيا المغرب:فتيحة الوديع

انفجرت في الأرجنتين واحدة من أخطر القضايا القضائية التي تطال اتحاد كرة القدم في تاريخ البلاد، بعدما باشرت السلطات المختصة عمليات تفتيش ومداهمات غير مسبوقة شملت المقر المركزي للاتحاد وعدداً من الأندية وممتلكات يُشتبه في ارتباطها بمسؤولين نافذين داخل المنظومة الكروية، وذلك في إطار تحقيقات موسّعة تتعلق بشبهات فساد مالي وتبييض أموال.

وكشفت معطيات التحقيق، التي أوردتها صحيفة “لا ناسيون” الأرجنتينية، أن الجهات القضائية صادرت وثائق محاسباتية وإدارية وأجهزة إلكترونية يُرجّح أنها تحتوي على أدلة حول تدفقات مالية غير مبررة وعلاقات مشبوهة بين اتحاد الكرة وشركات تمويل خاصة، مع تركيز واضح على محيط رئيس الاتحاد كلاوديو “شيكي” تابيا، دون أن تُوجَّه إليه، إلى حدود الساعة، أي تهم رسمية.

وشملت العمليات أكثر من ثلاثين موقعاً في مناطق مختلفة من البلاد، من بينها مقرات أندية تنشط في الدرجتين الأولى والثانية، في ما اعتبرته وسائل الإعلام المحلية أوسع حملة قضائية تطال كرة القدم الأرجنتينية خلال السنوات الأخيرة. كما امتد التحقيق إلى ممتلكات خاصة بضواحي بوينس آيرس، حيث جرى رصد عقارات فاخرة وسيارات باهظة الثمن، ما زاد من حجم الشكوك حول مصادر تمويلها الحقيقية.

وفي تطور يزيد من خطورة الملف، قررت النيابة العامة إحالة القضية على محكمة مختصة في الجرائم الاقتصادية، في خطوة فسّرها متابعون بكونها اعترافاً بتعقيد التشابكات المالية وتداخل المصالح الرياضية بالاقتصادية، وربما السياسية، داخل واحدة من أكثر المؤسسات نفوذاً في البلاد.

وتحقق العدالة الأرجنتينية حالياً في ملكية عقار ضخم تصل مساحته إلى نحو 100 ألف متر مربع، يضم مهبطاً للطائرات المروحية ومزرعة خيول وأكثر من خمسين سيارة كلاسيكية، وهي ممتلكات تقدر قيمتها بملايين الدولارات. ورغم تسجيل العقار باسم متقاعد وشخص يعمل لحسابه الخاص، إلا أن الشبهات تحوم حول استعمالهما كواجهة لإخفاء المالكين الحقيقيين، ما دفع القضاء إلى تعميق البحث في خيوط الملكية والتمويل.

وتجاوزت تداعيات هذه الفضيحة الإطار الداخلي، إذ بدأت تلوح في الأفق مخاوف حقيقية بشأن مستقبل المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم 2026. فبحسب ما أوردته “لا ناسيون”، فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم لا يتسامح مع أي تدخل حكومي أو قضائي في شؤون الاتحادات الوطنية، ما قد يفتح الباب أمام عقوبات قاسية تصل إلى حد استبعاد منتخب “التانغو” من المونديال المقبل، في حال اعتُبر المسار القضائي مساساً باستقلالية الاتحاد.

وبين صمت رسمي من اتحاد الكرة وتصاعد التحقيقات، تعيش الكرة الأرجنتينية على وقع أزمة غير مسبوقة، قد تعصف بسمعتها الدولية وتضع أحد أكثر منتخبات العالم تتويجاً أمام سيناريوهات قاتمة، عنوانها الكبير: حين يتحول الفساد من كواليس المكاتب إلى تهديد مباشر لأحلام الملايين.