مونديال 2026 للأثرياء فقط وتذاكر خيالية تُسقط حلم الجماهير

مونديال 2026 للأثرياء فقط وتذاكر خيالية تُسقط حلم الجماهير
رياضة / السبت 13 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فتيحة الوديع

تحوّل الحديث عن كأس العالم 2026 من احتفال كروي عالمي إلى موجة غضب عارمة، بعد أن كشفت لوائح أسعار التذاكر الموجّهة للجمعيات الرسمية للمشجعين عن قفزة غير مسبوقة في التكاليف، أعادت طرح سؤال جوهري حول من يُسمح له فعلاً بدخول المدرجات في أكبر تظاهرة رياضية على الكوكب. فبدلاً من أن تُكرّس البطولة وعدها التاريخي بالانفتاح والشمول، بدت الأرقام المعلنة وكأنها ترسم حدوداً طبقية جديدة داخل كرة القدم.

خيبة الأمل كانت صريحة في أوساط روابط المشجعين الأوروبية، حيث اعتبر يانيك فان هي، رئيس اتحاد الجمعيات الوطنية لمشجعي المنتخب الفرنسي، أن ما جرى ينسف سنوات من النضال من أجل أسعار في متناول العموم. ووصف ما يحدث بأنه نهاية “الحلم الأمريكي” وبقعة سوداء في سجل اللعبة، بعدما تلقّى من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم قائمة أسعار اعتبرها “فضيحة” بكل المقاييس.

الأرقام وحدها كافية لتفسير الغضب. تذاكر مباريات دور المجموعات تتراوح بين 191 و604 يورو، بينما تقفز أسعار المباراة النهائية إلى مستويات صادمة ما بين 3601 و7466 يورو. وفي حال تكرار سيناريو وصول المنتخب الفرنسي إلى النهائي، فإن المشجع الراغب في مرافقة فريقه منذ البداية سيجد نفسه أمام فاتورة قد تتجاوز 14 ألف يورو حسب الفئة، وهو رقم لم يسبق له مثيل في تاريخ كأس العالم الحديث.

المقارنة مع النسخ السابقة تُظهر حجم الانفجار السعري. ففي مونديال قطر لم تتجاوز التكلفة الإجمالية حوالي 1463 يورو، بينما كانت أقل من ذلك في روسيا. اليوم، تشير تقديرات شبكة مشجعي كرة القدم الأوروبية إلى تضخم متوسط يصل إلى 370 في المائة، في تناقض صارخ مع التعهدات الواردة في ملف الترشح لعام 2018، الذي وعد بتذاكر تبدأ من 21 دولاراً وكلفة إجمالية أدنى بكثير للفئات الشعبية.

حتى الحد الأدنى للدخول إلى الملاعب لم يعد في متناول الجميع، بعد رفع سعر التذكرة الأساسية إلى نحو 60 دولاراً، مع طرحها بكميات محدودة جداً ضمن بيع عام يعتمد التسعير الديناميكي، ما يجعل السعر خاضعاً للطلب أكثر من كونه حقاً جماهيرياً.

رونان إيفان، مدير شبكة مشجعي كرة القدم الأوروبية، يرى أن ما يحدث يتجاوز الغلاء المعتاد، ويمثل “تحولاً ثقافياً” في فلسفة كأس العالم نفسها. فبحسب معطيات الشبكة، سيضطر مشجع غاني مثلاً إلى إنفاق ما يعادل 85 يوماً من راتبه لمتابعة مباريات دور المجموعات، بينما تتطلب مشاهدة النهائي ما يقارب 590 يوماً من الدخل، في معادلة تُقصي جماهير الجنوب العالمي بشكل شبه كامل.

وبينما يؤكد إيفان أن تسعير التذاكر هو المجال الوحيد الذي تتحكم فيه الفيفا بشكل مباشر، فإن القرار برفعه إلى هذه المستويات يضع الاتحاد الدولي في مواجهة مباشرة مع المشجعين، ويطرح تساؤلاً حاداً: هل ما يزال كأس العالم بطولة للشعوب، أم عرضاً فاخراً لا مكان فيه إلا لمن يستطيع الدفع؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك