أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
فجّر عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، عاصفة سياسية داخل المؤسسة التشريعية بعدما خرج بتصريحات هي الأخطر منذ بداية الولاية الحكومية الحالية، حين تحدّث علناً تحت قبة البرلمان عن وجود تلاعبات خطيرة في صفقات بقطاع الصحة، خصوصاً في اقتناء بعض الأدوية، مؤكداً أن الصفقة المثيرة “مرّت بين وزيرين في الحكومة ينتميان إلى نفس الحزب”.
هذه الاتهامات، التي جاءت خلال جلسة مراقبة العمل الحكومي، أحدثت صدمة داخل البرلمان، ورفعت حرارة النقاش حول شفافية الصفقات العمومية، خاصة في قطاع حساس مثل قطاع الصحة الذي يستهلك مليارات الدراهم سنوياً.
صفقات غامضة و"أدوية مشبوهة"
وفق ما صرّح به بوانو، فإن العملية تتعلق بصفقة خاصة بتوفير دواء أو مجموعة من الأدوية التي تم اقتناؤها خارج المساطر المعمول بها، أو عبر تمريرها بطريقة انتقائية لفائدة شركة معيّنة، وهو ما وصفه بـ"الفضيحة التي تسيء إلى نزاهة قطاع حيوي".
وأبرز أن "بعض الوزراء داخل الحكومة صاروا يقررون في الصفقات بشكل ثنائي"، في إشارة مباشرة إلى أن الصفقة تم تمريرها بتفاهم بين وزيرين يشتركان في اللون السياسي نفسه، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول تضارب المصالح، واستغلال النفوذ، وغياب المنافسة الشفافة.
الحكومة في موقف دفاعي
تصريحات بوانو وضعت الحكومة في موقع دفاعي، خصوصاً وأن الاتهامات جاءت من داخل المؤسسة التشريعية، وبمعطيات قد تبدو دقيقة وموثقة.
ورغم محاولة بعض الوزراء التهدئة بالإشارة إلى أن “كل الصفقات تتم وفق القانون”، إلا أن الصمت الرسمي إزاء تفاصيل الاتهامات فتح المجال لتكهنات واسعة حول إمكانية وجود تحقيقات داخلية أو استعداد لإصدار بلاغ حكومي لتوضيح المعطيات.
القطاع الصحي بين أزمات متراكمة واتهامات بالتلاعب
فضيحة الصفقات تأتي في سياق حساس يعرف فيه قطاع الصحة انتقادات واسعة، أبرزها:
نقص الأطر الصحية
تأخر بناء وتجهيز المستشفيات
ضعف حكامة الصفقات العمومية
استفادة شركات محدودة من عقود ضخمة دون منافسة فعلية
واتهامات بوانو جاءت لتضيف طبقة جديدة من الغموض على مسار إصلاح قطاع الصحة الذي يُخصص له المغرب ميزانية ضخمة كل سنة.
المعارضة: قضية تمسّ الأمن الصحي للمغاربة
قوى المعارضة اعتبرت أن ما قاله بوانو “ليس مجرد تصريح سياسي، بل اتهام يستدعي فتح تحقيق عاجل”، معتبرة أن التلاعب بصفقات الأدوية “يمسّ diretamente بحق المغاربة في العلاج وبالأمن الدوائي الوطني”.
كما دعت إلى استدعاء الوزيرين المعنيين للمثول أمام لجنة برلمانية وتقديم توضيحات للرأي العام.
نشطاء يطالبون بالكشف عن أسماء الشركات والوزراء
على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب نشطاء ومهنيون بالكشف عن:
اسمَي الوزيرين المعنيين
طبيعة الدواء موضوع الصفقة
قيمة الصفقة
اسم الشركة المستفيدة
سبب تمريرها خارج المساطر أو بمساطر "استثنائية"
وانتشرت تعليقات تتهم الحكومة بمحاولة “طمس الفضيحة” وعدم الرد بوضوح.
هل تتجه القضية نحو لجنة تقصي الحقائق؟
بحسب عدة برلمانيين، قد تتجه المعارضة والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية إلى المطالبة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول صفقات الأدوية خلال العامين الماضيين، خصوصاً تلك المتعلقة بوباء كوفيد وما بعده.
هذه الخطوة، إن تمت، قد تفتح واحداً من أكبر الملفات الحساسة داخل المنظومة الصحية.
ختاما، تفجير بوانو لهذه الفضيحة داخل البرلمان ليس مجرد مناوشة سياسية، بل إشارة إلى وجود خلل عميق في حكامة الصفقات بقطاع الصحة، وقد يتحوّل إلى قضية رأي عام إن لم يتلقّ الرأي العام توضيحات رسمية دقيقة وشفافة.
القضية اليوم أصبحت بين يدي الحكومة، البرلمان، والرأي العام…والسؤال الكبير: هل ستشهد تحقيقاً شفافاً أم دفن الملف كالعادة؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك