المغرب في مواجهة أزمة ثلاثية..الماء والطاقة والغذاء في خطر!

المغرب في مواجهة أزمة ثلاثية..الماء والطاقة والغذاء في خطر!
تقارير / الأحد 09 فبراير 2025 - 14:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير

تواجه المملكة المغربية تحديات غير مسبوقة على مستوى الأمن المائي، الغذائي والطاقي، وهي أزمات مترابطة تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وفق ما كشف عنه تقرير حديث صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. التقرير دق ناقوس الخطر محذراً من أن استمرار الوضع الحالي دون تدخل جذري سيؤدي إلى تداعيات خطيرة قد تعيق التنمية المستدامة وترهن مستقبل الأجيال القادمة.

المجلس أشار إلى أن أزمة المياه أصبحت أكثر حدة نتيجة مزيج من العوامل الطبيعية والبشرية، حيث تتزايد موجات الجفاف، وتتدهور جودة المياه بسبب الاستغلال المفرط للموارد الجوفية، فيما تتفاقم أنماط الاستهلاك غير المستدامة. وحذر التقرير من أن نصيب الفرد من المياه في المغرب بات يقل بكثير عن العتبة التي تصنف البلد في خانة "الإجهاد المائي"، وهو وضع مرشح لمزيد من التدهور بحلول عام 2030، ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لضبط استغلال الموارد المائية وإعادة توجيه السياسات القطاعية نحو نهج أكثر استدامة.

لكن التحديات لا تتوقف عند الماء، إذ يشير التقرير إلى أزمة أخرى تتعلق بالأمن الطاقي، حيث لا يزال المغرب يعتمد بشكل كبير على الواردات الطاقية، ما يجعله عرضة لتقلبات الأسواق الدولية وارتفاع أسعار المواد الطاقية. وقد انعكست هذه التبعية بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، حيث تسببت ارتفاعات الأسعار في زيادة الضغوط المعيشية، خصوصاً مع التزايد المستمر في الطلب على الطاقة.

أما على مستوى الأمن الغذائي، فيواجه المغرب تحديات هيكلية متفاقمة، إذ تؤثر أزمة المياه بشكل مباشر على الإنتاج الفلاحي، بينما يساهم التغير المناخي في تدهور جودة الأراضي وانخفاض إنتاجية التربة، مما يقلل من قدرة القطاع الفلاحي على ضمان السيادة الغذائية. من جهة أخرى، تسجل البلاد ارتفاعاً ملحوظاً في الواردات الغذائية، في وقت تتراجع فيه قطاعات حيوية مثل الصيد البحري والصناعات الغذائية عن تلبية الحاجيات المحلية. وتزيد توجهات الفلاحة الموجهة للتصدير – خاصة الزراعات المسقية – من استنزاف الموارد المائية على حساب الحاجيات الوطنية.

وإلى جانب هذه العوامل، أشار التقرير إلى أن الفقر والتفاوتات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في الأوساط القروية والمناطق النائية، تجعل بعض الفئات أكثر عرضة للهشاشة الغذائية، حيث يصبح الوصول إلى غذاء صحي ومتوازن تحدياً يومياً لهذه الفئات. كما أن الاعتماد الكبير على المدخلات المستوردة، مثل الأسمدة والبذور والمواد الكيميائية، يزيد من هشاشة المنظومة الغذائية، في حين يتراجع التنوع الجيني المحلي بفعل الإهمال وفقدان المعارف التقليدية التي كانت تضمن استدامة الإنتاج الزراعي عبر الأجيال.

كل هذه العوامل مجتمعة تجعل المغرب في وضعية حساسة، حيث أصبحت أزماته المترابطة في مجالات الماء والطاقة والغذاء تشكل تهديداً مباشراً لأمنه القومي وقدرته على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية. ولتفادي الأسوأ، يدعو التقرير إلى اعتماد استراتيجيات متكاملة بين القطاعات، تأخذ بعين الاعتبار الترابط الوثيق بين هذه التحديات، مع التركيز على حلول مستدامة تضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزز الإنتاج المحلي، وتقلل من التبعية للخارج، بما يسمح للمغرب بتحقيق أمنه المائي والغذائي والطاقي بعيداً عن الضغوط الدولية.

في ظل هذه المعطيات، بات واضحاً أن المغرب أمام مفترق طرق حاسم، فإما أن يتبنى سياسات جريئة لإنقاذ موارده الاستراتيجية وتأمين استقراره المستقبلي، أو أن يستمر في النهج الحالي، مما قد يؤدي إلى تداعيات لا يمكن التنبؤ بعواقبها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك