250 مليون في اليوم: ثروة تتضخم وسلطة تتمدد والشعب وحده يدفع الثمن

250  مليون في اليوم: ثروة تتضخم وسلطة تتمدد والشعب وحده يدفع الثمن
سياسة / الأربعاء 10 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا

مبلغ 250 مليون سنتيم يوميًا الذي يحققه رئيس الحكومة "عبدالعزيز أخنوش" ليس رقمًا عابرًا يمكن تجاهله، بل معطى صادم يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول علاقة المال بالسلطة في المغرب. قد يُقال إن الرجل من أثرياء البلد وأن ثروته راكمها من عمله ومشاريعه، لكن في الدول التي تحترم ذاتها يتم الفصل بوضوح بين السلطة والثروة، وتكون المؤسسات القضائية هي السيف القاطع الذي يحمي المال العام ويضمن النزاهة والشفافية.

ورغم ضخامة هذا الرقم، فإن المعضلة الكبرى تكمن في غياب اليقين بخصوص مصادر هذه الأرباح الحقيقية، وهو ما يجعل الأنظار تتجه نحو المجلس الأعلى للحسابات باعتباره المؤسسة الدستورية المخولة بتقريب الحقائق من المواطنين.

لكن الواقع يقول إن المجلس الذي يخرج علينا سنويًا بتقارير سوداء صارخة، ظل عاجزًا عن تحويل خلاصاته إلى إجراءات قضائية فعلية، وظلت تقاريره حبيسة الرفوف، لا تُحرّك إلا عندما يتعلق الأمر بتصفية حسابات سياسية.

وإلى جانب رئيس الحكومة، توجد شبكة واسعة من الأسماء التي أصبحت تتحرك داخل الدولة كأورام صامتة، تتمتع بحماية خفية وتشتغل بارتياح بعيدًا عن أي رقيب فعلي، هؤلاء راكموا النفوذ والامتيازات على حساب شعب يزداد وهنًا، بينما تتسع الهوة بين السلطة وواقع الشارع الذي يزداد اختناقًا بفعل الغلاء وفشل السياسات الاجتماعية.

الشعب المغربي هو الوحيد الذي يؤدي ثمن هذه التركيبة المختلة؛ فالدولة تقترض باسمه، والحكومة توقع باسمه، والضرائب تُفرض باسمه، لكن المواطن هو من يدفع الفاتورة كاملة من جودة حياته ومستقبل أبنائه، ولعل أخطر ما في الأمر أن القروض المتراكمة أصبحت عبئًا ثقيلًا على الأجيال المقبلة التي ستجد نفسها مطالبة بتسديد ديون لم تكن طرفًا في قرارها.

هذا الواقع انعكس بشكل مباشر على وضعية التشغيل في البلاد، حيث أصبحت البطالة رقمًا ثابتًا في حياة الشباب المغربي، بينما تستمر الهشاشة في الاتساع تحت وطأة السياسات التي لا تضع المواطن في صلب أولوياتها.

وحين يتم الجمع بين ضعف التنمية واستنزاف المال العام، يكون الفقر نتيجة منطقية لغياب رؤية حقيقية للإصلاح.

وإذا كانت الحكومات في الدول الديمقراطية تخضع صباح مساء لرقابة مؤسسات قوية وقضاء مستقل، فإن الوضع في المغرب يكشف عن اختلال عميق في ميزان السلط، حيث تُترك ملفات حساسة دون معالجة، ويظل المال والسلطة متداخلين إلى درجة يصعب معها الحديث عن منطق النزاهة أو تكافؤ الفرص.

ووسط هذه الصورة القاتمة، يظل الشعب هو الحاضر الغائب: حاضر في التمويل، وغائب عن القرار.

والمؤسسات التي يفترض أن تحميه إمّا صامتة أو مكبّلة، بينما تتسع دائرة الامتيازات لمن يملكون مفاتيح السلطة، هكذا تستمر الفجوة في الاتساع، وتكبر الأسئلة، ويبقى الأمل معلّقًا على لحظة يستعيد فيها القانون مكانته فوق الجميع.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك