مسؤوليات جيل Z

مسؤوليات جيل Z
مقالات رأي / الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 - 20:36 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

بقلم : سعيد الكحل

أثارت مطالب جيل Z بإعفاء رئيس الحكومة وحل الأحزاب السياسية المتورطة في الفساد موجة من الانتقادات لكونها تضع رافعيها في تناقض مع ما يطالبون به من ديمقراطية وتخليق الحياة السياسية وفصل السلط. إنها مطالب تضع هذا الجيل خارج الإطار الدستوري الذي يجعل إقالة الحكومة وإعفاء رئيسها من اختصاص البرلمان، كما تلقي عليه تحمل مسؤولياته:

1 ـ السياسية: بالانخراط الفعلي في الحياة السياسية لتحقيق نقلة نوعية في الممارسة السياسية وتدبير الشأن العام. إذ لا يمكن تغيير الواقع السياسي والاجتماعي بالانتقاد أو بالرفض. كما لا يمكن المطالبة من الأخرين بإحداث التغيير الذي تنشدونه وتحقيق الأهداف التي تحتجون من أجلها إلا بمغادرة غرف الدردشة والتوقف عن الاختباء خلف شاشات حواسيبكم وهواتفكم مع إسقاط كل الأقنعة التي تتخفّون بها.

ذلك أن الواقع الاجتماعي والسياسي لا تسري عليه قواعد العالم الافتراضي ولا يمكن تغييره أو تطويره إلا بالوعي بتضاريسه السياسية والانخراط في تعقيداته الاجتماعية. لهذا لا يمكنكم أن تكونوا طرفا فاعلا في التغيير والإصلاح إلا بالانخراط العملي والجدي في الحياة السياسية عبر:

أ ـ الانخراط في الأحزاب السياسية أو تشكيل حزب سياسي تنخرط فيه هذه الفئة العمرية والشريحة الاجتماعية التي يمثلها جيل Z، ويعبر عن طموحاتكم ويصوغ انتظاراتكم في برنامج انتخابي تخوضون به المنافسة مع باقي الأحزاب. فبدل أن تطلبوا من جلالة الملك إقالة الحكومة وإعفاء رئيسها، رغم تعارض هذا المطلب مع الدستور، انخرطوا في العملية السياسية واكتسبوا الآليات الديمقراطية لتغيير الخريطة السياسية للأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية.

ب ـ التسجيل في اللوائح الانتخابية كشرط أوكد وأوْحَد لممارسة حق التصويت والترشيح للانتخابات، الذي بدونه تفقد الأصوات المنادية بالإصلاح والتغيير قيمتها الدستورية وقوتها السياسية والمؤسساتية.

ج ـ المشاركة المكثفة في التصويت يوم الاقتراع كخطوة ضرورية تتوج المنافسة الديمقراطية بين الأحزاب لفرز تلك التي ستتولى تدبير الشأن العام وتمثيل الناخبين في المجالس المنتخَبَة. 

إن من شأن هذه الخطوات القانونية أن يفتح أمامكم فرصة العضوية في المؤسسة التشريعية لتجويد القوانين ومراقبة الجهاز التنفيذي لأجرأة برنامجكم الانتخابي ومشاريعكم الإصلاحية.

2 ـ الوطنية: وتقتضي أن يرقى شعوركم وحسكم الوطني إلى المستوى الذي يجعلكم:

أ ـ تضعون المصالح العليا للوطن خارج الصراعات الحزبية والنزعات الأنانية والطموحات الشخصية. أي تعتبرون أنفسكم جنودا في خدمة الوطن، لا تأسركم الشعارات ولا تخدعكم الإغراءات إذا تعارضت مع مصلحة الوطن. وكما قال جلالته (إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة. والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات).(خطاب العرش 2018).

ب ـ محصنون ضد الاختراقات الخارجية والتيارات العدائية التي تستهدف وحدة الوطن والشعب. فجميعكم يعلم علم اليقين حجم المخططات وخطورة المؤامرات التي تحاك ضد المغرب وتسعى لتقسيمه أو تخريب أسسه أو تمزيق شعبه. وقد لاحظتم سيل التعاليق المحرضة على العنف والتخريب التي رافقت دعوتكم إلى الاحتجاج من أجل توفير وتجويد الخدمات الاجتماعية لعموم المواطنين في مختلف جهات ومناطق المغرب. فأمر المغاربة يعنيهم وحدهم، وأي تحريض على التخريب أو العنف لا يكون إلا من خائن مفلس أو عميل مندس، أو عدو يائس. وأذكّركم هنا بثقة جلالته في عزيمة المواطنين على التصدي لكل المندسين والعدميين (وإني واثق أنهم لن يسمحوا لدعاة السلبية والعدمية، وبائعي الأوهام، باستغلال بعض الاختلالات، للتطاول على أمن المغرب واستقراره، أو لتبخيس مكاسبه ومنجزاته. لأنهم يدركون أن الخاسر الأكبر، من إشاعة الفوضى والفتنة، هو الوطن والمواطن، على حد سواء).  

ج ـ تحرصون على صيانة المكتسبات وحماية المنجزات. فالمغرب، كما قال جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2018 (فالمغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك. ويجب علينا جميعا، أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه). فما تحقق من مشاريع ومنجزات هو مِلك للشعب لأنه من المال العام. والاختلاف في تقدير الأولويات لا يشرعن تبخيس ما تحقق أو التحريض على مقاطعة الملاعب، بل يستوجب تثمينها لأنها مفخرة لكل المغاربة يحسدونهم عليها جيران السوء، وفي نفس الوقت، الحث على تدارك ما تأخر إنجازه.  

3 ـ الأخلاقية: إنكم الجيل الذي من المفروض تحركه الغيرة الوطنية، وتوجهه قيمه الأخلاقية الرافضة للحـﯕرة والتهميش والهشاشة. لهذا أنتم مسؤولون عن كل الدعوات التي تخرج من بينكم تهدف إلى تعطيل وتيرة إنجاز المشاريع الكبرى (ملاعب كرة القدم، القطار فائق السرعة نحو مراكش، احتضان المنافسات الرياضية العالمية (كأس إفريقيا، مونديال 2023)؛ إذ لا مبرر لمثل هذه الدعوات، لأنه، كما قال جلالته (لا ينبغي أن يكون هناك تناقض أو تنافس بين المشاريع الوطنية الكبرى والبرامج الاجتماعية، ما دام الهدف هو تنمية البلاد وتحسين ظروف عيش المواطنين، أينما كانوا).

 "ما يؤلم الشجرة ليس الفأس، بل إن يد الفأس من خشبها".

بات واضحا أن المطالبة بإصلاح التعليم والصحة حق يراد به باطل. ذلك أن الدعوات المنفلتة من أطراف داخل الجيل Z إلى مقاطعة عدد من الشركات لارتباطها برئيس الحكومة، هي دعوات تخريب للاقتصاد الوطني وحرمان للشعب المغربي من خدماتها ومواردها الضريبية التي تمول جهود الدولة في توفير الخدمات الاجتماعية؛ والأخطر في الأمر، تعريض الأجَرَاء إلى التسريح والبطالة وما يترتب عنهما من آفات اجتماعية فتّاكة. كما أن الدعوة الجبانة لمقاطعة مقابلات الفريق الوطني لكرة القدم، وكأن الفريق والملاعب ملك لشركات أخنوش، تُسقط القناع عن الأهداف التخريبية للمتحكمين في حركة جيل Z لضرب الاقتصاد الوطني وتمزيق النسيج المجتمعي. وبذلك تتحول حركة هذا الجيل إلى معول هدم وتخريب يخدم مخططات أعداء الوطن، لا أداة إصلاح وتنمية تعزز الصمود المغربي في وجه تلك المخططات العدائية.ومن ثم يصدق على جيل Z المثل "ما يؤلم الشجرة ليس الفأس، بل إن يد الفأس من خشبها". وطبيعي أن يكون هذا حال حركة جيل z طالما الخوانجية والعدميون وخونة الداخل اختاروا ليكونوا جميعهم في خدمة أجندات أعداء الوطن.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك