أنتلجنسيا المغرب: الرباط
يوم الإثنين 7 يوليوز 2025، يستفيق
المغاربة على وقع يوم صيفي حارق، تسطع فيه الشمس بقوة وتغيب فيه السحب عن جل مناطق
المملكة، في مشهد موسمي معتاد لكنه هذه المرة أكثر حدة، حيث تسجل درجات الحرارة
ارتفاعاً ملموساً خصوصاً في المناطق الداخلية، مع طقس جاف وحار يعكس تأثير موجات
الصيف المتأخرة التي تجتاح شمال إفريقيا.
المدن الداخلية كفاس ومراكش ومكناس
تعرف درجات حرارة تناهز الأربعين درجة في بعض المناطق، ما يجعل الخروج في فترات
الظهيرة مغامرة غير محمودة العواقب، خاصة بالنسبة للأطفال والمسنين. ومع غياب
مؤشرات على هبوب رياح منعشة أو احتمالية تساقطات مطرية، تبدو هذه المدن وكأنها
تختنق تحت سماء صافية لا ترحم، في وقت يتزايد فيه الطلب على المياه والمكيفات
ووسائل التبريد.
في المقابل، تعيش المدن الساحلية
كالدار البيضاء والرباط وأكادير على إيقاع طقس صيفي أكثر اعتدالاً، وإن كانت
الرطوبة تتسلل إلى الأجواء تدريجياً مع ساعات المساء. حرارة تتراوح بين الست
والعشرين والثمان والعشرين درجة، لكنها لا تخلو من تأثير الشمس التي تفرض حذرًا
مضاعفًا على المواطنين والمصطافين. كثيرون اختاروا الشواطئ ملاذاً للهروب من لهيب
الداخل، في مشهد يتكرر كل صيف لكن مع أعداد متزايدة وازدحام يتطلب تنظيمًا أفضل.
القطاع الفلاحي، بدوره، يتأثر بهذا
الطقس، فالمزروعات البعلية تعاني في صمت، والعيون تتجه نحو السماء رغم إدراك
الجميع أن المطر لا يُرتجى في مثل هذه الأيام. الفلاحون في مناطق سوس وتادلة يحصون
الخسائر المحتملة ويأملون في موسم لا تتفاقم فيه الأضرار، خاصة بعد شهور من الشح
المائي والتقلبات المناخية الحادة.
من جهتها، وجهت المديرية العامة
للأرصاد الجوية المغربية تحذيرات واضحة، تدعو فيها المواطنين إلى اتخاذ الاحتياطات
اللازمة، وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس ما بين الساعة الثانية عشرة والرابعة
بعد الزوال. كما أوصت بشرب كميات كبيرة من الماء، وارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة، مع
تفادي الأنشطة البدنية المرهقة خلال ساعات الذروة.
الطقس الحار لا يحمل فقط معاناة صحية،
بل يعكس خللاً بيئيًا أصبح واضحًا في السنوات الأخيرة. فارتفاع درجات الحرارة في
يوليوز، بوتيرته المتسارعة، بات مؤشرًا على أزمة مناخية تلقي بظلالها على مختلف
القطاعات، من الفلاحة إلى الصحة، ومن السياحة إلى الطاقة.
وسط هذا المشهد، تتحول وسائل التواصل
الاجتماعي إلى منبر للشكوى والسخرية في آن، حيث يتناقل المواطنون صورًا لدرجات
الحرارة المفرطة وتعليقات لاذعة تصف الوضع بـ"جحيم يوليوز"، في حين
يغتنم آخرون الفرصة للترويج لمنتجات التبريد ومكيفات الهواء على وقع ارتفاع الطلب وتضاعف
الأسعار.
هكذا إذن، يسير يوم 7 يوليوز 2025 نحو
تسجيله كيوم صيفي استثنائي آخر في سجل مناخ المغرب، يوم يُختصر في كلمتين: الشمس
تحكم. فهل ستتكرر هذه المشاهد في الأيام القادمة؟ أم أن السماء ستخفف قبضتها؟
الجواب في نشرات الطقس القادمة، لكن المؤكد أن المغاربة سيواصلون معركتهم اليومية
ضد حرّ لا يرحم، بشيء من الصبر، وبكثير من الماء والظل.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك