أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي
في خضم عالم مضطرب، لم يتردد الرئيس
الأمريكي "دونالد ترامب" في تقديم نموذج فجّ لعلاقة بلاده مع بعض الدول
العربية، قائلاً بصريح العبارة إن هذه الدول لا تستطيع الصمود لعشرة أيام دون دعم
واشنطن، تصريح لا يشي فقط بالغرور السياسي، بل يفضح هشاشة علاقة تبعية تُدار بمنطق
الحماية مقابل الولاء، وتُذِلّ دولاً من المفترض أن تكون ذات سيادة واستقلال قرار.
فكيف يُعقل أن يقبل زعيم أو حاكم عربي
أن يُختزل وجود دولته في هذا الشكل الوقح من الوصاية الحديثة؟
وما يزيد من حدة هذه الصورة السوداوية
هو التناقض الصارخ في المواقف الغربية، لا سيما في ما يتعلق بالعدوان المتواصل على
قطاع غزة، ففي الوقت الذي يُطالب فيه الغرب باحترام السيادة في أوكرانيا ويدافع عن
كرامة الشعوب هناك، يصمت صمت القبور أمام المجازر اليومية التي يتعرض لها المدنيون
في غزة، والتي وصفها رئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانشيز" بأنها كارثة
إنسانية أودت بحياة 50 ألف شخص، وانتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
ما قاله "سانشيز" ليس مجرد
موقف عابر، بل صفعة أخلاقية لكل الدول الغربية التي تلوذ بالصمت أو تكتفي ببيانات
باهتة، في الوقت الذي تتكسر فيه أجساد الأطفال والنساء تحت قنابل الاحتلال. وعد
سانشيز بتقديم مشروع قرار في الجمعية العامة يطالب بوقف العدوان والسماح بإدخال
المساعدات، قد يكون نقطة مضيئة في عتمة المواقف الرسمية، لكنه يبقى محصورًا في
حدود الخطابات، ما لم يُترجم إلى تحرك دولي فعلي يُجبر الاحتلال على التراجع.
في نهاية المطاف، تتجلى الحقيقة
المُرّة في تواطؤ عالمي خبيث، حيث تُهان الدول العربية في عقر دارها من حليفها
الأمريكي، بينما تُذبح غزة على مرأى من عواصم العالم، ومن لم يُحرّكه الدم
الفلسطيني، فلن تهزه كلمات الإذلال الأمريكي، ولن يُنقذ ماء وجهه قرار أممي مهما
كان.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك