أنتلجنسيا المغرب: أبو ملاك
بأجواء احتفالية راقية ومفعمة
بالألوان والأنغام، انطلقت الدورة الـ18 من مهرجان ربيع أكدال الرياض وسط حديقة
التجارب النباتية بالرباط، في لحظة رمزية جمعت بين عمق التراث المغربي وروح العصر.
الدورة، التي تنظم تحت شعار "الرباط تحد مستمر وقاطرة الوطن نحو التنمية
والتميز"، جاءت لتؤكد أن العاصمة لم تعد فقط مدينة التاريخ، بل أصبحت ورشة
مفتوحة على كل أشكال الإبداع والتجديد.
وتزامن افتتاح المهرجان مع الذكرى
السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على العرش، مما أعطى للحدث بُعدًا
وطنيًا خاصًا، حيث تحولت الفضاءات العامة إلى منصات احتفاء بالمنجزات الملكية
والتنمية المتواصلة التي تعرفها المملكة في ظل قيادته. وشدد رئيس مجلس مقاطعة
أكدال-الرياض على أن المهرجان يندرج ضمن رؤية محلية تترجم أهداف النموذج التنموي
الجديد بجوانبه الثقافية والاجتماعية.
العروض الفنية التي أبهرت الحضور،
جاءت كثمرة تناغم بين الأصالة والتجريب، حيث امتزج السماع والمديح بالموشحات
والطرب الغرناطي وموسيقى الآلة، في لحظات موسيقية مبهرة قدمتها مجموعة
"الأصالة للمديح والسماع" بمصاحبة الموسيقار عبد الله عصامي، وبدعم كورال
"زهرة الروح"، ما أضفى على الافتتاح أبعادًا صوفية وفنية فريدة.
ولم يقتصر المهرجان على الفنون فقط،
بل اختار أن يكون منصة لتكريس مفهوم المدينة الشاملة، من خلال فعاليات رياضية
بالأحياء، وورشات في الفنون التشكيلية والذكاء الاصطناعي، ومعارض تستهدف الأسرة
والطفولة والأشخاص في وضعية إعاقة، فضلًا عن لقاءات فكرية تنفتح على قضايا الشباب
والمجتمع.
ومن أبرز مكونات المهرجان أيضًا،
"رواق التنمية" الذي خُصص لعرض مشاريع نسائية وشبابية من مختلف مناطق
المملكة، في بادرة قوية تعزز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتعطي للمبادرات
المحلية فضاءً للاحتكاك بالجمهور والمهتمين، مما يجعل من المهرجان منصة للتمكين
والتلاقي بين فاعلين متنوعين.
الحفل الافتتاحي، الذي شهد حضور
شخصيات دبلوماسية وممثلين عن المجتمع المدني والمنتخبين المحليين، عكس البعد
التشاركي للتظاهرة، وأكد أن الثقافة والفن لم يعودا ترفًا، بل أصبحا ركيزتين في
مشروع المدينة المواطنة والمنفتحة. الدورة الثامنة عشرة بهذا الزخم والثراء، تؤكد
أن الرباط لا تحتفل فقط بربيعها، بل تصنعه وتصدّره.
هكذا، تتجه الرباط بخطى واثقة لتكون
ليس فقط عاصمة إدارية، بل فضاء نابضًا بالحياة، يُعيد الاعتبار للثقافة بوصفها
قاطرة حقيقية للتنمية، ويُكرس موقعها الريادي في المشهد الوطني والدولي. مهرجان
ربيع أكدال الرياض أصبح أكثر من مجرد تظاهرة؛ إنه رسالة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك