الحاج "إدريس كريكيبة"..الكنز الثقافي الحي لفنون الرماية والفروسية بالمغرب المهدد بالإنقراض

 الحاج "إدريس كريكيبة"..الكنز الثقافي الحي لفنون الرماية والفروسية بالمغرب المهدد بالإنقراض
ثقافة وفنون / الثلاثاء 20 مايو 2025 - 09:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/م.إيطاليا

في زمن التفاهة والأضواء الخداعة، يظل الحاج "إدريس كريكيبة" شامخًا كجبل الرماة، رجلٌ جمع بين دقة التصويب، وأناقة الفارس، وبلاغة الزجال.

في مجمع شيوخ الرمى، يسطع نجمه كشيخ الشيوخ، ليس فقط ببراعته في إطلاق الرصاص، بل بثقافته الموسوعية في فنون الفروسية وتاريخها، وبصيرته الثاقبة في تربية الخيول وعلومها، هو ذاك النموذج الذي يستحق التقدير والتوثيق، لا الإهمال والتغييب.

كثيرون يرفعون شعار التراث الشفهي والثقافة الشعبية، لكن قليلون من يُدركون أن مثل الحاج "كريكيبة" هو التجسيد الحي لهما معًا، ذاك الرجل الذي يحكم بين الرماة إذا اختلفوا، ويُفصل بين الفرسان إذا تنازعوا، ليس مجرد هاوٍ أو ممارس، بل قاضٍ ثقافي وموسوعة تمشي على قدمين، توارث الحكمة والحنكة من أجيال مضت، ويُعد اليوم آخر السلاسل الذهبية في زمن يذبل فيه الأصل ويُعلَّق الزيف.

بعيدًا عن عدسات القنوات الرسمية والبرامج التي تلمّع السطح وتترك الجوهر، لم يجد الحاج "إدريس كريكيبة" من يُنصفه، لا بالكلمة ولا بالصورة، بينما تُحتفى أسماء بلا رصيد، يُقصى هذا الفارس الذي يحفظ عن ظهر قلب قصائد الزجل، وتحليلات الفروسية، ومفردات الرماية كما لو كانت تراتيل مقدسة تجري في دمائه.

رجل يُتقن الإنجليزية بطلاقة، يتحدث عن فنون الحركة والخيل بلسان العارف الخبير، لا بحاجة لمترجم ولا وسيط، هذا الرجل يجب أن ينصف في كبار المحافل الدولية، موسوعة كتاب جامع يتنقل بلا ويتحدث بلا حواسيب، كل شيء في ذاكرته مسجل.

أمام هذا التهميش، تبدو وزارة الثقافة في موقف لا يُحسد عليه، فكيف لها أن تغضّ الطرف عن هذا الكنز الثقافي المكنون؟

كيف لا تُبادر إلى جمع ما في ذاكرته من أسرار ومعارف قبل أن يطويها النسيان؟

كيف لا تُيسّر له طريق النشر والتوثيق، وتمنحه ما يستحقه من دعم واعتبار؟

إن بقاء هذا الرجل في الظل جريمة ثقافية لا تغتفر.

الحاج إدريس كريكيبة "من جماعة التوازيط الرحاونة" المقيم بسيدي يحيى الغرب، ليس مجرد فرد، بل تراث حيّ، وحامل لواء، وذاكرة وطنية مهددة بالتلاشي إذا استمر التجاهل الرسمي له.

 آن الأوان لأن يُرفع عنه الغبار، وأن يُسلط عليه الضوء، لا بدافع الشفقة، بل اعترافًا بمقامه العالي في هرم الثقافة الشعبية والفروسية المغربية. فهل من مستجيب؟

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك