
أنتلجنسيا المغرب: فهد
الباهي/م.إيطاليا
تعيش الأسرة المغربية في هذه الأيام
كابوسًا حقيقيًا بعد أن قفزت أسعار الخضر والفواكه إلى مستويات غير مسبوقة، في وقت
يتزامن مع الدخول المدرسي الذي يثقل كاهل الأسر بمصاريف مضاعفة تشمل اقتناء الكتب
والدفاتر والكسوة وواجبات التسجيل. هذه الوضعية جعلت آلاف المواطنين يعبرون عن
سخطهم وغضبهم من غياب أي رؤية عملية لوقف هذا النزيف الذي ينخر ميزانياتهم الهشة
أصلًا.
ففي الأسواق المغربية، تحولت أبسط
المواد الاستهلاكية إلى كماليات يعجز المواطن البسيط عن اقتنائها، حيث قفز ثمن
اللوبية إلى خمسة وثلاثين درهمًا للكيلوغرام، بينما تراوحت أسعار البطاطس والبصل
والطماطم بين عشرة وخمسة عشر درهمًا، والفلفل وصل إلى خمسة عشر درهمًا، أما
الفواكه فحدث ولا حرج، فالموز يتراوح بين عشرين وثلاثين درهمًا، والتفاح بين
ثلاثين وأربعين درهمًا، وهو ما جعل أغلب الأسر تعيد النظر في وجباتها اليومية وتقتصر
على الضروري فقط.
ورغم هذا الواقع المرير، يخرج رئيس
الحكومة عبر الإعلام العمومي متباهياً بأن حكومته وفرت وستوفر المواد الأساسية
للمواطنين بأثمنة معقولة، وهو تصريح يراه كثيرون بعيدًا كل البعد عن الواقع.
فالمواطن الذي يدفع من عرق جبينه ثمن كل غرام خضر أو فاكهة لا يعيش نفس ظروف
الوزراء والمسؤولين الذين يتمتعون بمركبات الدولة بالمجان، وسكن وظيفي، وفواتير
ماء وكهرباء مدفوعة، ما يجعل المقارنة بين الطرفين ضربًا من الاستهزاء بعقول
المغاربة.
هذه الفجوة العميقة بين التصريحات
الحكومية والواقع اليومي خلقت حالة من فقدان الثقة في الخطاب الرسمي، إذ لم يعد
المواطن يتوقع سوى المزيد من الوعود الجوفاء التي لا تغير شيئًا في وضعه المعيشي.
ومما يزيد من حدة الأزمة أن الحكومة تبدو غير عابئة بحجم الخطر الاجتماعي المحدق،
حيث تُترك الأسر فريسة للغلاء بينما تُفضل الدولة تصدير خيرات البلاد إلى أوروبا
على حساب قوت شعبها.
اليوم، لم يعد الصبر ينفع أمام هذا
النزيف المتواصل، فالمطلوب من الحكومة أن تتخلى عن سياسة الهروب إلى الأمام، وأن
تقدم حلولًا واقعية تبدأ بتقليص نسبة الصادرات من الخضر والفواكه لصالح السوق
الداخلي، حتى يتمكن المواطن المغربي من الحصول على غذاء متوازن وبأسعار تتماشى مع
دخله. وإلا فإن الأوضاع مرشحة للانفجار الاجتماعي في ظل استمرار هذا الاستنزاف
اليومي لجيوب المغاربة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك