أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
في المغرب، لم تعد كرة القدم مجرد رياضة أو وسيلة ترفيه، بل تحوّلت إلى أداة سياسية بامتياز، يستخدمها النظام لصرف الانتباه عن القضايا الحقيقية للمواطنين.
فبينما يعاني الشباب من البطالة، ويكافح المواطنون من أجل حقوقهم الأساسية، يجد الجميع نفسه مأخوذًا بسحر المباريات والأحداث الرياضية الكبرى، وكأن كل مشكلة يمكن تجاوزها بفرحة وهمية على المدرجات أو أمام شاشات التلفزيون.
نجاح هذا التحويل ليس صدفة، بل نتاج سياسة ممنهجة: استثمارات ضخمة في النوادي والبطولات، تسويق إعلامي مكثف، ودعوات مستمرة للاحتفاء بالمنتخب الوطني كرمز للوطنية، وكل ذلك مع تقليص مساحة النقاش حول الفساد، البطالة، تدهور الخدمات العمومية، وانعدام العدالة الاجتماعية.
حيث، كرة القدم هنا لم تعد مجرد لعبة، بل أداة لامتصاص الغضب الشعبي، وإشغال الرأي العام بما يُشبه “أفيون الشعب”.
فوسائل الإعلام المملوكة للدولة أو المقربة منها تتعاون في هذا المخطط، عبر تغطية مهووسة لكل مباراة وكل هدف، وإظهار الأحداث الرياضية على أنها مصدر الفخر الوطني الوحيد، بينما تتوارى بقية القضايا الحيوية في الظل.
وفي هذا السياق، يصبح المشجعون أداة غير مقصودة لتسويق صورة النظام كراعي وطني، بينما الواقع المعيشي يزداد صعوبة يومًا بعد يوم.
النظام المغربي نجح في تقديم كرة القدم كأداة ترفيهية سياسية، تلهب الحماس الشعبي وتخفي الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية، فتتحول المباريات إلى لحظات سحرية يُنسى فيها المواطن همومه، ويُستبدل النقد السياسي بالتصفيق الجماهيري.
وهكذا، تصبح الساحرة المستديرة بالمملكة، ليست مجرد كرة، بل ستارًا كبيرًا يغطي أزمة حقوق المواطن ويخفي ضعف الديمقراطية، لتستمر السياسة والاقتصاد في الظل بينما الشعب يستسلم لفرحة مؤقتة، مدفوعة بعاطفة جماهيرية مصممة بعناية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك